للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تتخذ الدرع من اللؤلؤ فتلبسه، ثم تمشي وسط الطريق مُفَرَّجًا جانباه، وليس عليها شيء غَيْرُهُ بتكسير وتَغَنُّجٍ، وكان في ذلك الزمان نُمْرُوذُ الجبار، والناس كُلُّهُمْ كفار.

ومعنى {الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى}: القديمة، يقال لكل متقدم ومتقدمةٍ: أُولَى وأوَّلُ، وذلك أن أهل الجاهلية الأولى تقدموا أمةَ محمدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فنُهِينَ نساءُ هذه الأمة عن ذلك، وأُمِرْنَ بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وطاعة اللَّه ورسوله، وذلك قوله: {وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (٣٣)} الآية، يعني الإثم الذي نَهاهُنَّ اللَّه عنه فِي هذه الآيات، وَأمَرَهُنَّ بتركه (١)، فإنّ تَرْكَهُنَّ ما أمرهن به، ورُكُوبَهُنَّ ما نَهاهُنَّ عنه من الرِّجْسِ.

وقال الحسن (٢): الرِّجْسُ: الشيطان، وأهل البيت: نساء النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- خاصّةً؛ لأنهنَّ في بيته، وإنما ذُكِّرَ الخطابُ في قوله: {عَنْكُمُ} {وَيُطَهِّرَكُمْ}؛ لأن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان فيهنَّ، وإذا اجتمع المذكر والمؤنث غُلِّبَ المذكرُ، وقال آخرون: هذا خاصٌّ في النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وعَلِيٍّ والحسنِ والحسينِ وفاطمةَ -عليهم السلام-، وهو قول أبِي سعيدٍ الخُدري (٣)، و {أَهْلَ الْبَيْتِ} نصب على النداء، وإن شئت على المدح، قال الزجّاج (٤): ويجوز الرفع والخفض.


(١) في الأصل: "وأمرهن به".
(٢) ينظر قوله في الكشف والبيان ٨/ ٣٥ - ٣٦، الوسيط ٣/ ٤٦٩.
(٣) روى الطبري بسنده عن أبِي سعيد الخدري قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "نزلت هذه الآية في خمسة: فِيَّ وفي عَلِىٍّ وحَسَنٍ وحُسَيْن وفاطمة رضي اللَّه عنهم أجمعين: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: ٣٣]. جامع البيان ٢٢/ ٩، وينظر: معانِي القرآن للنحاس ٥/ ٣٤٨، الكشف والبيان ٨/ ٤٢.
(٤) معانِي القرآن وإعرابه ٤/ ٢٢٦، وهذا في غير القرآن، أما في القرآن فلا يجوز، والرفع =

<<  <  ج: ص:  >  >>