للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورُوِيَ عن وهب بن منبِّه، عن أخيه فِي قوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ}، قال (١): "اختار من الغنم الضَّأن، ومن الطير الحمام".

قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ} معناه: أَخْبِرُونِي {إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا} دائمًا {إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} لا نهارَ معه {مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ} أي: بنور تطلُبون فيه المعيشةَ ونهارٍ تبصرون فيه {أَفَلَا تَسْمَعُونَ (٧١)} سَماعَ تَفَهُّمٍ وقبولٍ فتستدلون بذلك على توحيد اللَّه.

ونصب {سَرْمَدًا} على الظرف (٢)، و {غَيْرُ} رفع، نعتٌ لـ {إِلَهٌ}، ويحتمل أن يكون رفعًا لأنه في التأويل خبر "ما" النافية، وذلك أن تأويله: ما إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ، فعلى هذا التأويل يجوز أن يكون رفعًا (٣).

قوله تعالى: {إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ} قيل: إنه كان ابنَ عَمِّ موسى لَحًّا (٤)، وهو قول أكثر العلماء (٥)؛ لأنه كان قارونَ بنَ يصهرَ بن


(١) ينظر قول وهب في الكشف والبيان ٧/ ٢٥٨، تفسير القرطبي ١٣/ ٣٠٥.
(٢) لا وجه لانتصاب {سَرْمَدًا} هنا على الظرف، وإنما هو مفعول ثانٍ لـ {جَعَلَ} إذا كان بمعنى صَيَّرَ، ويجوز أن يكون حالًا إذا كان {جَعَلَ} بمعنى الخلق والإنشاء، ينظر: التبيان للعكبري ص ١٠٢٥، الفريد للمنتجب الهمدانِي ٣/ ٧٢٤، الدر المصون ٥/ ٣٥٢.
(٣) هذا وهم منه، فليس في الآية "ما" ولو على جهة التأويل؛ لأن "مَن": اسم استفهام في محل رفع مبتدأ، و {إِلَهٌ} خبره، و {غَيْرُ} صفة {إِلَهٌ}، وجملة {يَأْتِيكُمْ} صفة أخرى له.
(٤) لَحًّا؛ أي: لَاصِقَ النَّسَبِ، يقال: لَحَّتِ القرابةُ بين فلان وبين فلان: إذا صارت لَحًّا. اللسان: لحح.
(٥) ينظر: جامع البيان ٢٠/ ١٢٨، الكشف والبيان ٧/ ٢٥٩، الكشاف ٣/ ١٩٠، المحرر الوجيز ٤/ ٢٩٨، تفسير القرطبي ١٣/ ٣١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>