للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والكُفْءُ: هو العِدْلُ والمِثْلُ والشَّبِيهُ والنَّظِيرُ، واللَّه تعالَى بَرِيءٌ من ذلك كُلِّهِ، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (١).

واختلف القُرّاءُ فيه، فقرأه حَمْزةُ وَيَعْقُوبُ وَخَلَف: "كُفْأً" ساكنةَ الفاء مهموزةً، وَمِثْلَهُ رَوَى حَفْصٌ عن عاصِمٍ، وَحَفْصٌ يَقْلِبُ الهمزة واوًا، وَرُويَ عن أهل المدينة بتسكين الفاء وَتَزكِ الهَمْزِ، وقرأ الباقون بضم الفاء مُثَقَّلًا مَهْمُوزًا (٢)، وكلها لغات صحيحة فصيحة (٣).

ومعنى الكُفْءِ: المِثْلُ المُكافِئُ؛ أي: فهو أحَدٌ، وقيل (٤): هو على التقديم والتأخير، مجازه: وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أحَدٌ كُفْوٌ، فلما تقدم نُصِبَ، {أَحَدٌ} اسم "كانَ"، و {كُفُوًا} خبر "كانَ"، و {لَهُ} مُلْغًى، وقيل: هو الخبر، وهو قياس قول سيبويه (٥)؛ لأنه يَقْبُحُ عنده إلْغاءُ الظرف إذا تقدم، وخالفه المُبَرِّدُ،


(١) الشورى ١١.
(٢) قرأ حمزةُ ويعقوبُ وخلفٌ، ونافعٌ في رواية كُلٍّ من إسْماعِيلَ وَقالُونَ وابنِ أبِي أُوَيْسٍ عنه: "كُفْأً"، وسَهَّلَ الهَمْزةَ أبو جعفر وَشَيْبةُ وَنافِعٌ والأعرجُ، وقرأ حَفْصٌ: "كُفْوًا"، وقرأ ابن كثير وابن عامر والكسائيُّ، وأبو عمرو في رواية اليَزِيدِيِّ وعبدِ الوارث عنه، وعاصمٌ في رواية أبِي بكر عنه، ونافعٌ في رواية ابنِ جَمّازٍ وَوَرْشٍ وَخارِجةَ عنه: "كُفُؤًا" بضم الفاء وبالهمز، وَرَوَى حَفْصٌ عن عاصمٍ: "كُفُوًا" بضم الفاء وبغير همز، ينظر: السبعة ص ٧٠١ - ٧٠٢، البحر المحيط ٨/ ٥٣٠، الإتحاف ٢/ ٦٣٧.
(٣) قال الأزهري: "هذه لغات، وأجودها: "كُفُؤًا"، ثم "كُفْئًا" مهموزًا، وأما "كُفُوًا" بترك الهمزة وَضَمِّ الفاء فليس بالكثير". معانِي القراءات ٣/ ١٧٢، وينظر: إعراب القراءات السبع لابن خالويه ٢/ ٥٤٧.
(٤) يعني أن نعت النكرة لَمّا تَقَدَّمَ عليها نُصِبَ على الحال كما ذكر هو بعد قليل، واستشهد ببيت كُثَيِّرِ عَزّةَ، وقال بالتقديم والتأخير في الآية كُلٌّ من الفَرّاءِ والنحّاسِ، ينظر: معانِي القرآن للفراء ٣/ ٢٩٩، إعراب القرآن للنحاس ٥/ ٣١٢.
(٥) قال سيبويه: "وتقول: ما كان فيها أحَدٌ خَيْرٌ مِنْكَ، وما كان أحَدٌ مِثْلُكَ فيها، وليس أحَدٌ فيها =

<<  <  ج: ص:  >  >>