للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الحَرِيرِيَّ والواسِطِيُّ (١): يشرب بها المقربون صِرْفًا على بساطِ القُرْبِ، في مجلس الأُنْسِ، وَرِياضِ القُدُسِ، بِكَأْسِ الرِّضا على مشاهدةَ الحق -سبحانه-، فِي مقعد صدق عند مليك مقتدر.

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا} يعني كفار قريش {كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (٢٩) وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ} يعني: إذا مَرَّ المؤمنون بالكفار {يَتَغَامَزُونَ (٣٠) أي: يَتَغامَزُ بِهِم الكفارُ، من الغَمْزِ وهو الإشارة بِالجَفْنِ والحاجِبِ؛ أي: يُشِيرُونَ إليهم بالأعين استهزاءً بهم {وَإِذَا انْقَلَبُوا} يعني الكفار {إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ (٣١)} يعني: رَجَعُوا مُعْجَبِينَ بما هُمْ فيه، يَتَفَكَّهُونَ بِذِكْرِ المؤمنين.

قرأه العامة: {فَكِهِينَ} بألف، وقرأه حَفْصٌ: {فَكِهِينَ} (٢) بغير ألف، ونصب {فَكِهِينَ} على الحال، {وَإِذَا رَأَوْهُمْ} يعني الكفار إذا رأوا المؤمنين {إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ} حين يأتون محمَّدًا، فقال اللَّه تعالى: {وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ (٣٣)} يعني الكفار، ما أُرْسِلُوا على المؤمنين حافظين لأعمالهم، مُوَكَّلِينَ بأحوالهم، وهو منصوب على الحال، وإن شئتَ على خَبَرِ (٣) ما لَمْ يُسَمَّ فاعله.

قوله: {فَالْيَوْمَ} يعني يوم القيامة {الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (٣٤) عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (٣٥)} جمع أرِيكةٍ، وهو السرير من الدُّرِّ والياقوت، وذلك


(١) ينظر قولهما في الكشف والبيان ١٠/ ١٥٧.
(٢) قرأ حَفْصٌ عن عاصم، وأبو رجاء والحَسَنُ وعكرمة وأبو جعفر: "فَكِهِينَ" بغير ألف، ورواها ابن ذَكوانَ عن ابن عامر، ورُوِيَ أيضًا، عن ابن ذكوان عن ابن عامر: "فاكهِينَ" بالألف، وهي قراءة الباقين، ينظر: السبعة ص ٦٧٦، تفسير القرطبي ١٩/ ٢٦٧، البحر المحيط ٨/ ٤٣٥، الإتحاف ٢/ ٥٩٧.
(٣) في الأصل: "على اسم ما لَمْ يسم".

<<  <  ج: ص:  >  >>