للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأرض من جَبَلٍ أو بناءٍ أو شَجَرٍ، فَفَشا شَرُّ ذلك اليَوْمِ وانْتَشَرَ، ونصب {يَوْمًا} بـ {يَخَافُونَ}.

قوله: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ} قيل (١): الهاء عائدة على الطعام؛ أي: على حُبِّهِمُ الطَّعامَ وَشِدّةِ فاقَتِهِمْ إلَيْهِ، وقيل: الهاء عائدة إلَى اللَّه تعالى، أي: على حُبِّ اللَّه -سبحانه-، قاله أبو سليمان الدّارانِيُّ (٢) {مِسْكِينًا} يعني: الذي لا مال له {وَيَتِيمًا} لا أبَ له {وَأَسِيرًا (٨)} في أيديهم.

قيل (٣): نزلت هذه الآية في عَلِيِّ بن أبِي طالب -كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ-، أجَّرَ نَفْسَهُ لَيْلةً يَسْقِي نَخْلًا بِشَيءٍ من الشَّعِيرِ، فلما أصْبَحَ وَقَبَضَ الشَّعِيرَ طَحَنَ ثُلُثَهُ، فجعلوا منه شيئًا ليأكلوه يقال له: الحَرِيرةُ (٤)، فلما تَمَّ إنْضاجُهُ أتَى مِسْكِينٌ فَسَألَ، فأخرجوا إليه الطعامَ، ثُمَّ عُمِلَ الثُلُثُ الثّانِي، فلما تَمَّ إنْضاجُهُ أتَى يَتِيمٌ فَسَألَ فَاطْعَمُوهُ إيّاهُ، ثُمَّ عُمِلَ الثُّلُثُ الباقي، فلما تَمَّ إنْضاجُهُ أتَى أسِيرٌ من المشركين فَسَألَ، فَأطْعَمُوهُ إيّاهُ، وَطَوَوْا يَوْمَهُمْ ذلك، فنَزَلَتْ هذه الآيةُ، وقيل:


(١) هذا قول جمهور المفسرين، ينظر: جامع البيان ٢٩/ ٢٦٠، معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٢٥٩، الوسيط ٤/ ٤٠٠، زاد المسير ٨/ ٤٣٣، تفسير القرطبي ١٩/ ١٢٨.
(٢) هو عبد الرحمن بن أحمد بن عَطِيّةَ العَنْسِيُّ، أبو سليمان الدّارانِيُّ، من أهل دارِيّا بِغُوطةِ دِمَشْقَ، زاهد من كبار المتصوفة، وله أخبار في الزهد، رحل إلى بغداد، فأقام بها مدة، ثم عاد إلى الشام، وتوفِّي ببلده سنة (٢١٥ هـ). [حلية الأولياء ٩/ ٢٥٤ - ٢٨٠، سير أعلام النبلاء ١٠/ ١٨٢ - ١٨٦، الأعلام ٣/ ٢٩٣، ٢٩٤]، وينظر قوله فِي شفاء الصدور ورقة ١٨٨/ أ، الكشف والبيان ١٠/ ٩٦، زاد المسير ٨/ ٤٣٣، تفسير القرطبي ١٩/ ١٢٨.
(٣) ينظر: شفاء الصدور ورقة ١٩٢/ ب، ١٩٣/ أ، أسباب النزول ص ٢٩٦، الوسيط ٤/ ٤٠١، مجمع البيان ١٠/ ٢١٠، زاد المسير ٨/ ٤٣٢.
(٤) الحَرِيرةُ: دَقِيقٌ يُطْبَخُ بِلَبَنٍ أو دَسَمٍ. اللسان: حرر.

<<  <  ج: ص:  >  >>