للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْكَ السَّلَامُ تُفارِقُنِي وَأُفارِقُكَ إلَى يوم القيامة" (١).

قوله: {وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ (٢٩)} يعني شِدّةَ الدنيا وَشِدّةَ الآخرة، وما في الآخرة من النَّكالِ والزَّلَازِلِ والأهوال، ومعنى "التَفَّتْ": التَصَقَتْ، من قولهم: امْرَأةٌ لَفّاءُ: إذا التَصَقَتْ فَخِذاها (٢)، ويقال: هو من التِفافِ ساقَيِ الرَّجُلِ عند السِّياقِ، يعني: عند سَوْقِ رُوحِ العبد إلَى رَبِّهِ، يقال: التَفتِ السّاقُ بِالسّاقِ مثل قولهم: شَمَّرَتِ الحَرْبُ عن ساقِها: إذا اشْتَدَّتْ (٣)، قال الشاعر يصف حَرْبًا:

قَدْ شَمَّرَتْ عَنْ ساقِها فَشُدُّوا

وَجَدَّتِ الحَرْبُ بِكُمْ فَجِدُّوا (٤)

وقوله: {إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ (٣٠)} يعني: النهاية والمرجع إلَى اللَّه تعالى في الآخرة، وهو رفع خبر {إِلَى}، وإن شئت قلت: رفعه على الابتداء، وخبره {إِلَى رَبِّكَ} مقدم عليه.

قوله: {فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى (٣١)} يعني أبا جهل بن هشام، إذْ لَمْ يُصَدَّقْ بالقرآن، ولا صَلَّى له {وَلَكِنْ كَذَّبَ} بالقرآن {وَتَوَلَّى (٣٢) أي: أعْرَضَ عن الإيمان باللَّه {ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى (٣٣)} يعني: يَتبَخْتَرُ، يقال: جاءَ يَمْشِي المُطَيْطاءَ، وهي


(١) هذا حديث موضوع، ينظر: عين المعانِي ورقة ١٤٠/ أ، تفسير القرطبي ١٧/ ١٣، كنز العمال ١٥/ ٥٦٣، تذكرة الموضوعات ص ٢١٤.
(٢) قاله الفراء في معانِي القرآن ٣/ ٢١٢، وقال الأزهري: "اللَّيْثُ: اللَّفَفُ: كَثْرةُ لَحْمِ الخَدَّيْنِ والفَخِذَيْنِ، وهو في النساء نَعْتٌ وفي الرجال عَيْبٌ، تقول: رَجُلٌ ألَفُّ: ثَقِيلٌ". تهذيب اللغة ١٥/ ٣٣٣، وينظر: غريب القرآن للسجستانِيِّ ص ١٦٨.
(٣) قاله ابن قتيبة والزجاج، ينظر: غريب القرآن لابن قتيبة ص ٥٠١، معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٢٥٤، وينظر: غريب القرآن للسجستانِيِّ ص ١٦٨.
(٤) تقدم برقم ٣٨٣، ٤/ ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>