للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجَحَدُوا قُدْرَتَنا على إحيائهم بعد البلَى، إلى قدرتنا على خلق السماء حين جعلناها سقفا محفوظا بغير عمد؟ {كَيْفَ بَنَيْنَاهَا}؛ أي رفعناها، وكل شيء ارتفع على شيء فهو بناء {وَزَيَّنَّاهَا} بنجومها وشمسها وقمرها {وَمَا لَهَا} في سَعَتِها {مِنْ فُرُوجٍ (٦) أي: ليس فيها خِلَالٌ ولا فُرْجةٌ ولا شَقٌّ ولا صُدُوعٌ ولا وَهَنٌ ولا فتوقٌ، وفُرُوجٌ يكون جمعًا ويكون واحدًا (١).

وفي الآية دلالة على استدارة السماء وإحاطتها بالأرض من جميع جهاتها؛ لأنَّهُ أخبر أنه لا فروج فيها، ولو كانت مبسوطةً مُتَّصِلةَ الأطرافِ لَمْ تكن كذلك (٢).

قوله: {وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا}؛ أي: مَدَدْنا الأرضَ، يعني: بَسَطْناها مَسِيرَ خمسمائة عام، ونصب الأرض بإضمار فعل؛ أي: مَدَدْنا الأرضَ وبَسَطْناها، والرفع جائزٌ، إلا أن النصبَ أحسنُ؛ لِيُعْطَفَ بالفعل على الفعل (٣)، وقد تقدم نظيره فِي سورة الحجر (٤).

قوله: {وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ} جِبالًا ثَوابتَ، وهي الجبال التي خلقها اللَّه أوْتادًا للأرض لِئَلَّا تتحرك بأهلها وتَمِيدَ بهم {وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ}؛ أي: من كل


(١) قاله النحاس في إعراب القرآن ٤/ ٢٢١، ومعناه أن الفروج يكون جمعًا لِفَرْح وفُرْجةٍ، ومعناهما الخَلَلُ بين الشيئين، وأنه يكون واحدًا، فيما أزعم، على أنه مصدر كالدُّخُولِ والخُرُوجِ ونحوهما.
(٢) قاله النقاش في شفاء الصدور ورقة ٤٧/ أ.
(٣) قاله النحاس فِي إعراب القرآن ٤/ ٢٢١، وقد قرأ الجحدري: {وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا} بالرفع، ينظر: شواذ القراءة للكرمانِيِّ ورقة ٢٢٨.
(٤) الحِجْر ١٩، وهي في القسم المفقود من هذا الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>