للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والإمْلَاءُ مشتق من الْمَلاوةِ، وهي القِطْعةُ من الدهر، ومنه قولهم: مَلَّاكَ اللَّهُ نِعْمةً؛ أي: جَعَلَها مُقِيمةً مَعَكَ، وكذا قولهم: تَمَلَّيْتُ حَبيبًا، أي: عِشْتُ معه حِينًا، والمَلَوانِ: الليلُ والنهارُ (١).

قوله تعالى: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ}؛ أي: شَكٌّ، يعني المنافقين {أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ (٢٩) يعني: يظهر اللَّه أحقادَهُمْ والغِشَّ الذي في قلوبهم على المؤمنين، واحدها ضِغْنٌ، فَيُبْدِيَها لهم حتى يعرفوا نِفاقَهُمْ، والضِّغْنُ والضَّغِينةُ: الحِقْدُ، وهو ما يُضْمِرُهُ الإنسانُ من مكروه (٢)، يقال: في قلبه عليه ضِغْنٌ؛ أي: حِقْدٌ، واضْطَغَنْتُ عليكَ ما فَعَلْتَ؛ أي: حَقَدْتُ (٣).

قوله: {وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ}؛ يعني: عَلَّمْناكَهُمْ، وعَرَّفْناكَهُمْ، ودَلَلْناكَ عليهم، تقول العربُ: سأريك ما أصنع؛ أي: سأعلمك، ومنه قوله تعالى: "بما أراكَ اللَّهُ" (٤)؛ أي: بِما أعْلَمَكَ {فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ} يعني: بِعَلَاماتِهِم الخبيثَةِ،


= المحرر الوجيز ٥/ ١١٩، القرطبي ١٦/ ٢٤٩، البحر المحيط ٨/ ٨٣. وقال ابن الأنباري: "فمن فَتَحَ الألِفَ لَمْ يُتِمَّ الوُقُوفَ على "سَوَّلَ لَهُمْ"؛ لأن "أمْلَى لَهُمْ" نَسَقٌ عليه، ومَنْ ضَمَّ الألِفَ وَقَفَ على "سَوَّلَ لَهُمْ"". إيضاح الوقف والابتداء ص ٨٩٨، وينظر: المكتفى في الوقف والابتدا للدانِي ص ٣٣٠ - ٣٣١.
(١) قاله أبو عبيدة في مَجازِ القرآن ١/ ١٠٨، ١٠٩، ٢٣٤ - ٣٣٣، وينظر: تهذيب اللغة ١٥/ ٤٠٥، الصحاح ٦/ ٢٤٩٦.
(٢) حكاه المبرد عن النحاس في إعراب القرآن ٤/ ١٩٠، وقاله الجوهري في الصحاح ٦/ ٢١٥٤.
(٣) قاله النقاش في شفاء الصدور ورقة ٢٧/ أ.
(٤) النساء ١٠٥، قال الفراء: "وقوله: {وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ} يريد: لَعَرَّفْناكَهُمْ، تقول للرجل: قد أرَيْتُكَ كذا وكذا، ومعناه: عَرَّفْتُكَهُ وعَلَّمْتُكَهُ، ومثله: {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ}. معانِي القرآن ٣/ ٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>