للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهم أبوابُها، فإذا ماتوا في الدنيا فكأنهم ماتوا في الجنة؛ لاتصالهم بأسبابها، ومشاهدتِهم إياها.

قوله: {وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ} وهي النار، وقيل لها: جَحِيمٌ لِعِظَمِها وبُعْدِ قَعْرِها (١) -أجارنا اللَّه منها آمين-.

وقوله: {فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ}؛ أي: فَعَلَ اللَّهُ ذلك بهم يا محمد فَضْلًا منه، وهو منصوب على المصدر (٢) {ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}؛ يعني الكبير.

قوله: {فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ} يعني القرآن، كناية عن غير مذكور (٣)؛ أي: سَهَّلْنا على لِسانِكَ قِراءَتَهُ {لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٥٨) أي: لكي يتعظوا، فيؤمنوا به إذا سمعوه منك ويفهموه، فلم يؤمنوا به.

ثم قال اللَّه تعالى لِنَبِيِّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: {فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ (٥٩) أي: فانْتَظِرْ ما وَعَدْتُكَ من الفتح والنصر والظَّفَرِ عليهم والعذاب الذي أُنْزِلَ بهم {إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ}؛ أي: منتظرون بزعمهم قهرك وهلاكك ومَنْ مَعَكَ، نظيرها قوله تعالى: {نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ (٣٠)} (٤)، واللَّه أعلم.


(١) قاله أبو بكر النقاش في شفاء الصدور ورقة ٧/ ب.
(٢) وعلى أنه منصوب على المصدر فقد أجاز الزجاج أن يكون العامل فيه "يَدْعُونَ" أو "آمِنِينَ"، وقيل: العامل فيه {وَوَقَاهُمْ}، ويرى النحاس أن العامل فيه محذوف، والتقدير: تَفَضَّلَ اللَّهُ فَضْلًا. ينظر: معانِي القرآن وإعرابه ٤/ ٤٢٩، إعراب القرآن ٤/ ١٣٧، مشكل إعراب القرآن ٢/ ٢٩٢، الفريد للهمداني ٤/ ٢٧٧، ٢٧٨، الدر المصون ٦/ ١٢٠.
(٣) ويرى الباقوليُّ والأنباري أن الهاء في "يَسَّرْناهُ" تعود على "الكتاب"، وقد ذُكِرَ في أول السورة، ينظر: كشف المشكلات للباقولِيِّ ٢/ ٣٠٥، البيان للأنباري ٢/ ٣٦٢.
(٤) الطور ٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>