ومنهم من قال: لا يَطْلُقُ، ولا يَعتِقُ شيء منهم؛ لأنَّ الأوَّل لا يكون إلَّا فرداً لا تعدد فيه، والفرديَّة منتفية هنا، وهو الَّذي ذكره القاضي، وابن عقيل في الطَّلاق، والسَّامريُّ، وصاحب «الكافي».
ويتخرَّج وجه آخر: وهو أنَّه إن طَلَع بعدَهم غيرُهم من عبيده وزوجاته؛ طَلَقْنَ وعَتَقْنَ، وإلَّا فلا؛ بناء على أنَّ الأوَّل هو السَّابق لغيره؛ فلا يكون أوَّلاً حتَّى يأتي بعده غيره؛ فيتحقَّق بذلك له صفة الأوَّلِيَّة، وهو وجه لنا ذكره ابن عقيل وغيره.
وقريب من هذه المسألة: ما ذكره ابن أبي موسى في كتاب العتق؛ فقال:(واختلف قوله في الرَّجل يقول لعبيده: أيُّكم جاءني بخبر كذا فهو حرٌّ، فأتى بذلك الخبر اثنان معاً أو أكثر؛ على روايتين:
قال في إحداهما: قد عَتَق واحد منهم؛ فيقرع بينهم، فمن قَرَع صاحبَه؛ فقد عَق.
وقال في الأخرى: قد عَتَقا جميعاً) انتهى.
فأمَّا وجه عتقهما جميعاً؛ فظاهرٌ؛ لأنَّ «أيًّا» من صيغ العموم.
وأمَّا وجه عتق أحدهما بالقرعة؛ فهو أنَّ المتبادر إلى الأفهام من هذا التَّعليق الخصوصُ، وأنَّه إنَّما أريد به عتق واحد يجيء بالخبر؛ فيصير عموم هذا اللَّفظ عموم بَدلِيَّة لا عموم شمول؛ فلا يَعتِقُ به أكثر من واحد، فإذا اجتمع اثنان على الإتيان بالخبر؛ أُعتِقَ أحدُهما بالقرعة.
وليس هذا كما لو قال لزوجاته: أيَّتكنَّ خرجت فهي طالق، فإذا خرجن جميعاً؛ طَلَقْنَ؛ لأنَّ الخروج بالنِّسبة إلى الجميع سواء.