للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنها، كما ذكره.

وأيضاً وصف الصلاة بالتجلد والتشمر إنما يصح إذا وصفتَ بما هو لفاعلها، على قياس جد جده، ولا يخفى بعده

قال: وليس لك أن تقول: الباء في قام بالأمر للتعدية، فالمستعمل بمعنى التجلد والاجتهاد هو الإقامة في الحقيقة؛ لأن قولهم في ضده: قعد عن الأمر، وتقاعد عنه يبطله.

وأيضاً القيام يناسب التشمر، لا الإقامة، كما أن القعود يلائم الكسل، لا الإقعاد (١).

قوله: (أو يؤدونها، عبر عن أدائها بالإقامة، لاشتمالها على القيام، كما عبر عنها بالقنوت، والركوع، والسجود، والتسبيح) (٢).

قال بعض أرباب الحواشي: هذا بعيد؛ لأنه قال هنا (ويقيمون الصلاة) فذكر اسم الصلاة مع إقامتها، وأما في تلك الأماكن فلم يذكر معها اسم الصلاة.

وقال الشيخ أكمل الدين: قيل: إنه على هذا مجاز، من باب ذكر الجزء وإرادة الكل؛ لأن القيام في الصلاة جزء من الصلاة، وفيه نظر؛ لأن الجزء لا يستلزم الكل، فلا يكون مجازا.

والجواب أن المراد القيام في الصلاة، وهو يستلزمها قطعا (٣).

وقال الشريف: إن أراد أن القيام يطلق على الصلاة لكونه بعض أركانها، ثم يؤخذ منه الإقامة، ورد عليه أن الهمزة إن جعلت للتعدية كان معنى الإقامة جعل الصلاة مصلية، وإن جعلت للصيرورة كان معنى أقام صار ذا صلاة، فلا يصح ذكر الصلاة معه إلا بجعلها مفعولا مطلقا، والكل ما لا يرتضيه طبع سليم، وإن أراد أن القيام لما كان ركنا منها كان فعله وإيجاده - أعني الإقامة - ركناً لها أيضاً توجه عليه أن ركنها فعل القيام، بمعنى تحصيل هيئة القيام في المصلي حال الصلاة، لا بمعنى تحصيلها في الصلاة، وجعلها قائمة.

فإن قيل: لعله أراد أن القيام جزء منها، فيكون إيجاده - أي الإقامة - جزءًا من إيجاد جميع أجزائها الذي هو أداؤها، فعبر عن أدائها بجزئه.

<<  <  ج: ص:  >  >>