للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٧ - دويلة سرقسطة:

تعد دويلة سرقسطة، أو الثغر الأعلى (٩٤) من أكبر الدويلات القائمة في البلاد مساحة، وكانت تتميز فضلاً عن ذلك بموقعها المتاخم لدول الممالك الإسبانية الشمالية " بين قطلونية من الشرق، ونافارا أو نبرة من الشمال الغربي، وقشتالة من الجنوب والغرب " (٩٥)، وتعد هذه الدويلة من أقدم الدويلات الأندلسية استقلالاً عن السلطة المركزية، ذلك أن موقعها النائي في شمال شرقي الجزيرة الأندلسية كان يحتم عليها دائماً الذود عن وجودها من جميع الأطماع المضطرمة حولها (٩٦).

تولى حكم هذا الثغر يحيى بن عبد الرحمن التجيبي سنة ٣٧٩ هـ/٩٨٩ م بإقرار من المنصور ابن أبي عامر، وظل حاكماً عليه حتى وفاته سنة ٤٠٨ هـ/١٠١٧ م فخلفه ولده المنذر الذي يعد أول حاكم لدويلة سرقسطة، حيث تلقب كغيره من حكام الدويلات بالألقاب السلطانية فتسمى بذي الرياستين ولقب بالمنصور. واشتركت هذه الدويلة في الأحداث الجارية على الساحة الأندلسية، فقاتلت قواتها بجانب الأندلسيين ضد البربر الذين كانوا تحت قيادة زاوي بن زيري الصنهاجي سنة ٤٠٩ هـ/١٠١٨ م، ومع خسارة المعركة أيقن المنذر عدم جدوى هذه المنازعات لكون أهدافها لا تحقق له أية امتيازات أو مكاسب. فبدأ يراهن على دخول مدينة بلنسية بعد أن أصابتها الاضطرابات، نتيجة تنافس الصقالبة على الاستئثار بحكمها بعد وفاة مبارك العامري سنة ٤٠٨ هـ، وقد تمكن مجاهد العامري من صد قوات المنذر ومنعه من دخول المدينة، واستمر الصدام بين الطرفين حتى تم إعلان عبد العزيز بن عبد الرحمن شنجول سنة ٤١١ هـ/١٠٢١ م حاكماً على بلنسية وما يلحق بها من المدن عندئذٍ قرر المنذر الانسحاب إلى سرقسطة بعد أن انسحب مجاهد العامري إلى قواعده في دانية (٩٧).

ومن الظواهر السلبية التي رافقت عصر المنذر، تلك العلاقات المشبوهة التي كانت تربطه بأمراء الممالك الإسبانية الشمالية، فقد كان على علاقة مع أمير برشلونة رامون بوريل، وشانجة أمير نافار، وألفونسو الخامس ملك ليون، وقد بالغ المنذر في التقرب من هؤلاء الأمراء والملوك حتى أسخط عليه العامة، فرمته بشتى أوصاف الخضوع


(٩٤) ينظر خليل السامرائي، الثغر الأعلى الأندلسي: ٣٩ وما بعدها.
(٩٥) عنان، دول الطوائف: ٢٦٤.
(٩٦) عنان، المصدر السابق: ٢٦٤ و ٢٦٥.
(٩٧) ينظر: دويلة بلنسية " المبحث السابق ".

<<  <   >  >>