للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قدمت المعتصم هي نفسها التي أجلته عن موقعه وأبعدته عن شرق الأندلس لينفرد خيران بالسلطة في المناطق التي يسيطر عليها حتى وفاته سنة ٤١٩ هـ/١٠٢٩ م (٨١)، فخلفه زهير العامري الذي قتل عندما حاول غزو غرناطة سنة ٤٢٩ هـ/١٠٣٨ م (٨٢)، واستغل عبد العزيز خلو المرية من الزعامة فسيطر عليها وعلى معظم المناطق القريبة منها عدا مدينة جيان التي أصبحت ضمن أملاك دويلة غرناطة، وإزاء هذه التطورات قرر مجاهد العامري مهاجمة دويلة بلنسية. وفي سنة ٤٣٣ هـ/١٠٤١ م وقعت الحرب بين القوتين، تبادل فيها الطرفان النصر والهزيمة، وانجلى الموقف أخيراً عن دخول عبد العزيز مدينة شاطبة وتعزيز سلطانه في مدن شرق الأندلس، واستمرت دويلته آمنة الجانب حتى وفاته سنة ٤٥٢ هـ/١٠٦١ م (٨٣)، فولي بعده ولده: عبد الملك الملقب بنظام الدولة وبالمظفر، وفي عهده آل أمر بلنسية للمأمون بن ذي النون صاحب طليطلة وأصبحت ضمن أملاكه سنة ٤٥٧ هـ/١٠٦٥ م (٨٤).

واستمرت بلنسية تحكم من قبل ذي النون حتى وفاة المأمون سنة ٤٦٧ هـ/١٠٧٥ م فاستقل بها أبو بكر بن عبد العزيز - الذي كان نائباً عن ذي النون في حكمها - فحكمها دون منازع، واستعان بملوك الممالك الإسبانية الشمالية لرد الهجمات عنها مقابل دفع الأموال الكبيرة إليهم. وحكم عشر سنوات، وتوفي سنة ٤٧٨ هـ فناب عنه ولده: أبو عمرو عثمان، الذي بدأ ولايته مع سقوط مدينة طليطلة في يد القشتاليين (٨٥)، وكان لهذا الحدث نتائجه السلبية على عموم بلاد الأندلس، ومصير دولة بلنسية بوجه خاص.

فحينما استولى ألفونسو السادس على طليطلة " من يد صاحبها القادر بن ذي النون، حفيد المأمون، فقد تعهد له أو وعده ضمن عهوده لقاء الاستيلاء على المدينة، أن يمكنه من استرداد بلنسية التي خرجت عن طاعته، بل قيل إنه وعده بمعاونته على افتتاح دانية وشنتمرية الشرق إذ كان يعلم أنه بتمكين القادر من الاستيلاء على هذه المدن فإنها تغدو في الواقع تحت حمايته، ويغدو شرق الأندلس، واقفاً تحت سيادته، عن طريق القادر " (٨٦).


(٨١) ابن خلدون: ٤/ ١٦٢.
(٨٢) ابن الخطيب، الإحاطة ١/ ٥٢٧.
(٨٣) ابن بسام، ق ٣ ج ١: ٢٥٠، ابن سعيد: ٢/ ٣٠٠.
(٨٤) ابن سعيد: ٢/ ٣٠٠، ابن خلدون: ٤/ ١٦١.
(٨٥) ابن خلدون: ٤/ ١٦٢.
(٨٦) عنان، دول الطوائف: ٢٢٧.

<<  <   >  >>