للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم ذكر -رحمه الله- في المجلد الثالث من هذا الكتاب الرد على من زعم أن أئمة السنة الأثبات ينكرون أن لنا أفعالاً وتصرفات، واستخرج من ذلك أنهم كفارُ تصريح لإنكارهم في زعمهم العلومَ الضروريات، وأن هذا مجرد دعوى عليهم من غير بينة، وأنهم مجمعون على إثبات الاختيار ونفي الإجبار، وأن بيان ذلك يظهر من طريقين: أحدهما: النقل لذلك عن المعتزلة والشيعة، فإنه يوجد في كلامهم عند حاجتهم إليه في إلزام الأشعرية لبعض المناقضات، والطريق الثانية: النقل عن أئمة أهل السنة ومتكلميهم، وذكر نصوصهم المتواترة الصريحة من كتبهم الشهيرة. وذكر الفرق بين المحبة والإرادة والرضى والمشيئة، وإن الفرق بينهما في اللغة واضح، فالمحبة والرضى نقيض الكراهة، والإرادة والمشيئة معناهما واحد، وهو ما يقع الفعل به على وجه دون وجه على تفصيل قد ذكره واستدل عليه، وأطِال الحجة فيه وأدلة الفريقين من المعتزلة والأشعرية مستوفاة العقلية والسمعية.

ثم أورد تأويل المعتزلة لآيات المشيئة، وهو قولهم: إن الله لو شاء أن يكره العصاة على الطاعة لفعل، لأنه لو كان يعلم لهم لطفاً إذا فعله لهم أطاعوه، لوجب عليه فعل ذلك، لأنه تعالى لا يخل بالواجب، وقد ألزمهم علماءُ الإسلام تعجيز الرب سبحانه عن هداية عاصٍ واحد على وجه الاختيار وهم يلتزمونه في المعنى، لأنه صريح مذهبهم إلا أنهم يقولون: إنه لا يستلزم اسم العجز، لأن اللطف بهم محال، والمحال ليس بشيء، والقادر لا يوصف بالقدرة على لا شيء.

وأجاب -رضي الله عنه- عن هذا السؤال بأن الإحالة ممنوعة، ومع تقدير تسليمها، فيلزمهم قبحُ التكليف لأن إزاحة أعذار المكلفين عندهم

<<  <  ج: ص:  >  >>