للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنا في شك مما نسب إليه من تمسكه بعقائد الزيدية أصولاً وفروعاً إذ لو كان الأمر كذلك لما كان هناك مسوغ لمحاربته حرباً لا هوادة فيها في زمانه وبعد زمانه من بعض علماء المذهب الزيدي. حتى من أقرب الناس إليه. وإذا كان قد ورد شيء يدل على انتمائه إلى الزيدية في كلامه على فرض صحة ثبوته فإنما كان ذلك في بداية أمره.

ومهما يكن مما نسب إليه، فإنه كان ملتزماً بالسنة أصولاً وفروعاً كما هو معروف عنه في مؤلفاته كلها، فهو يقول في مقدمة الروض الباسم (١):

" ولم يكن بدعاً أن تنسمت من أعطارها روائح، وتبصرت من أنوارها لوائح، أشربت قلبي محبةَ الحديث النبوي، والعلم المصطفوي، فكنت ممن يرى الحظ الأسنى في خدمة علومه، وتمهيد ما تعفَّى من رسومه، ورأيتُ أولى ما اشتغلت به ما تعين فرض كفايته بعد الارتفاع وتضيق وقت القيام به بعد الاتساع من الذب عنه، والمحاماة عليه، والحث على إتباعه والدعاء إليه، فإنه علم الصدر الأول، والذى عليه بعدَ القرآن المُعَوَّل، وهو لعلوم الإسلام أصل وأساس، وهو المفسر للقرآن بشهادة {لتبين للناس}.

وهو الذي قال الله فيه تصريحاً {إن هُو الا وحي يوحى}، وهو الذي وصفه الصادق الأمين بمماثلة القرآن المبين؛ حيث قال في التوبيخ لكل مترف إمَّعة: " إني أوتيتُ القرآنَ ومثلَه معه " (٢). وهو العلم الذي لم يشارك القرآن سواه في الإجماع على كفر جاحدِ المعلوم من لفظه ومعناه، وهو العلم الذي إذا تجاثت الخصوم للركب، وتفاوتت العلوم في الرتب أصمت مرنان نوافله كل مناضل، وأصمت برهان معارفه كُل فاضل، وهو العلم الذي


(١) ص ٥.
(٢) وهذا الحديث يؤكد أن الرواية الصحيحة لحديث: " إني تركت فيكم ثقلين إنما هي بلفظ كتابي وسنتي ".

<<  <  ج: ص:  >  >>