للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولعليٍّ عليه السلام ستة أحاديث في إثبات القدر على مذهب السلف وأهل السنة تأتي متفرقة، وإنما نَبَّهْتُ على ذلك لدعوى المعتزلة أنهم على مذهبه عليه السلام، وسيأتي تطابق الروايات عند تبيين ذلك من طريق أهل البيت وطريق أهل الحديث كما مر مثل ذلك في المشيئة، فقد تواتر عنهم براءته من رأيهم ولله الحمد والمنة.

الحديث الثاني: عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه، قال: جاء سراقة بن مالك، فقال: يا رسول الله بيِّنْ لنا ديننا كأنَّا خلقنا الآن، فِيمَ العمل اليوم؟ قال: " بما جَفَّتْ به الأقلام وجرت به المقادير " قال: ففيم العمل؟ قال: " اعملوا فكل ميسر لما خلق له، وكل عاملٍ بعمله " أخرجه مسلم في " الصحيح " (١).

الثالث: عن عمران بن الحصين رضي الله عنه قال: قال رجلٌ: يا رسول الله، أعُلِمَ أهل الجنة من أهل النار؟ قال: " نعم "، قال: ففيم يعمل العاملون؟ قال: " كل ميسر لما خلق له ". أخرجه مسلم وأبو داود.

وفي رواية البخاري نحوه، وزاد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تلا: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (٧) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} [الشمس: ٧ - ٨] (٢).

الرابع: عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال عمر يا رسول الله، أرأيت ما نعمل، فيه أمرٌ مُبتدأ، أو فيما قد فُرِغَ منه؟ فقال: "فيما قد فُرِغ يا ابن الخطاب، وكل مُيَسَّرٌ، أما من كان من أهل السعادة فإنه يعمل للسعادة، وأما من كان من


(١) أخرجه أحمد ٣/ ٢٩٢ و٢٩٣ و٣٠٤ وابنه عبد الله في " السنة " (٨٥٧)، والطيالسي (١٧٣٧)، ومسلم (٢٦٤٨)، وابن حبان (٣٣٧)، والآجري في " الشريعة " ص ١٧٤، والبغوى (٧٤)، وسيأتي برقم (٨٩) بزيادة.
(٢) تقدم تخريجه ص ٢٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>