للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأما الانتقال في مثل هذا من المخاطبة إلى الغيبة ففيه تعظيم للمخاطب كما في قوله وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (٧) [الحجرات ٧] وفي قوله حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا [يونس ٢٢] فإن قوله كنتم يتناول المؤمن والكافر فعدل إلى صيغة الغيبة التي تتناول من فعل ذلك الفعل المذموم خاصة وأيضاً فالفرق ظاهر بينٌ معلوم بالاضطرار من اللغة بين الاستفهام الذي يقصد به نفي وجود ما يظنه الإنسان وينتظره ويرجوه ويخبر به وبين ما لا يقصد به ذلك بل يقصد به تهديده وتخويفه من الأمور الكائنة الموجودة وتحذيره منها فالأول كقوله أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى (٣٦) [القيامة ٣٦] أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ (٥٥) نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ [المؤمنون ٥٥-٥٦] أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ (٣٠) قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ (٣١) أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُمْ بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (٣٢) أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ (٣٣) [الطور ٣٠-٣٣] وقوله أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ (٣٨) [المعارج ٣٨] فنظيره أن يقال أينتظرون أن يأتيهم الله أو أيطمعون أن يأتيهم الله في ظل من الغمام ونحو ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>