للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهل القبلة وكان انتصاره لهذا الأصل من أحسن أو أحسن ما نصره من مذاهب أهل السنة والجماعة وأما الذين يفرقون بين الموجب بالذات والفاعل بالاختيار في الشاهد والغائب فتفريقهم باطل أما في الشاهد فلأن الفاعل باختياره إذا حصل عنده الإرادة الجازمة مع القدرة التامة كان بمنزلة الموجب بذاته وجاز أن يسمى موجبًا بذاته والموجب بذاته إنما أوجب بصفة قائمة به طبيعية هي نظير الاختيار في المختار وكلاهما فيه قوة فعل بها وكلاهما فيه اقتضاء وميل إلى الفعل وكلاهما يسمى طبيعة وغريزة فإن خلقية الحي يسمى طبيعة له كما يسمى بذلك ما في الجامدات لكن بينهما من الفرق حصول الشعور في أحدهما دون الآخر والشعور يستلزم اللذة والألم ولهذا فرق بينهما بأن جعل أحدهما إرادة دون الآخر وإن كان قد يسمى إرادة كما في قوله تعالى جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ [الكهف ٧٧] وهذا الفرق أول من أحدثه في الإسلام القدرية وبالغوا في إثبات الفعل للحي القادر حتى جعلوا الإنسان مستقلاً بما يفعله وأخرجوا فعله عن أن يكون مخلوقًا لله ومقدورًا له ومرادًا

<<  <  ج: ص:  >  >>