ولهذا كثر في هؤلاء من يجحد الصانع مع إقراره بوجود واجب ثم مع ذلك فأولئك إنما يستفيدون بطريقهم العلم بالقدر المشترك بينه وبين سائر المحدثين إذ القضية الكلية لا تدل إلا على القدر المشترك فيكونون قد علموا من إحداثه ما علموه من إحداث سائر الحيوانات حتى البعوضة ومعلوم أن هذا علم قليل نزر بما يستحقه الرب ولم يعلموا من إحداث ربهم إلا ما أشركوا به فيه جميع الحيوانات فيكونون أبعد عن معرفة الله تعالى من المشركين الذين قال الله فيهم وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ {١٠٦}[يوسف ١٠٦] ونحن نعلم أن المحدث تعظم قدرته وفعله بـ الأمر المحدث كما يعلم أن باني الدار وناسج الثوب العظيم أعظم من باني الدار الصغيرة وناسج الثوب الصغير لكن القضية الكلية التي ذكروها تفيد أنه أعظم من سائر المحدثين بقدر عظمة العالم على جميع مصنوعات أولئك وهذا بعض ما يستحقه الرب من التعظيم وعدم المماثلة لكن نفس الإحداث أيضاً فيه من التفاوت أعظم من هذا التفاوت فما أحدثه الرب وإن كان أعظم فنفس إحداثه أيضاً وهو ليس من