الإدراك غير موضوع للرؤية حقيقة لأن لفظ الإدراك حقيقة في غير الرؤية فوجب أن يكون حقيقة في الرؤية وإنما قلنا إن الإدراك غير حقيقة في الرؤية لأنها حقيقة في اللحوق والبلوغ سواء كان في المكان كما في قوله تعالى قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ {٦١}[الشعراء ٦١] أو في الزمان كما يقال أدرك قتادة الحسن أو في صفة وحالة كما يقال أدرك الكلام وأدركت الثمرة إذا نضجت وأيضاً فإنه يقال أدركت ببصري حرارة الليل وإن كانت الحرارة لا ترى فعلمنا أن الإدراك حقيقة في غير الرؤية فوجب أن لا يكون حقيقة في الرؤية لئلا يؤدي إلى الاشتراك الذي هو خلاف الأصل وإنما قلنا إن الإدراك لا يستعمل مجازاً إلا في رؤية الشيء المتناهي لوجهين أحدهما أنا لما أبصرنا الشيء المتناهي فكان البصر على بعده من ذلك المرئي يتناوله ولم يتناوله غيره فجرى ذلك مجرى من قطع المسافة إلى شيء حتى بلغه ووصل إليه فلما توهم في هذا النوع من الإبصار معنى اللحوق سمي إدراكاً فأما إدراكنا لشيء الذي لا يكون في جهة أصلاً فإنه لا يتحقق فيه معنى البلوغ فلا جرم