الرازق، المحيي المميت، النافع الضار، المدبر لشئون أهل السموات والأرض، الذي لا يقع شيءٌ كائنًا ما كان إلا بمشيئته جل وعلا.
وهذا النوع جبلت عليه فطر البشر في الأغلب. قال تعالى في الكفار:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}[الزخرف: ٨٧]. وقال تعالى:{قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ}[يونس: ٣١]. والآيات بمثل ذلك كثيرة جدًّا، ولم ينكر هذا النوع من التوحيد الذي هو توحيده جل وعلا في ربوبيته إلّا اثنان:
١ - رجلٌ بالغ من الجهل والغباوة ما يجعل درجته في الفهم والعقل أقل من درجة البهائم، كمن قال الله فيهم: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إلا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (٤٤)} [الفرقان: ٤٤]. وقال فيهم: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (١٧٩)} [الأعراف: ١٧٩]. بل كثير من هؤلاء الذين فضل الله عليهم الأنعام يقرون بربوبيته جل وعلا، فظهر أن الذي ينكر ذلك منحطٌّ عن درجة الأنعام بمراتب.
٢ - ورجل مكابر جاحد ما هو عالم بأنه حق كفرعون، فإن قوله فيما ذكر الله عنه: {قَال فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالمِينَ (٢٣)} [الشعراء: ٢٣]. وقوله: {قَال فَمَنْ رَبُّكُمَا يَامُوسَى (٤٩)} [طه: ٤٩]. تجاهلُ عارفٍ بأنه عبد مربوب لرب العالمين، كما دل عليه قوله تعالى:{قَال لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إلا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ ... } الآية [الإسراء: ١٠٢]، وقوله