للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقول المُصْنِّف رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: [وأما لفظ الجهة فقد يراد به ما هو موجود، وقد يراد به ما هو معدوم، ومن المعلوم أنه لا موجود إلا الخالق والمخلوق] والله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هو الذي أوجد كل موجود فالموجودات خَلْقُ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وأما العدم فهذا لا وجود له [فإذا أريد بالجهة أمر موجود غيرُ الله تَعَالَى كَانَ مخلوقاً، والله تَعَالَى لا يحصره شيء، ولا يحيط به شيء من المخلوقات تَعَالَى الله عن ذلك] أي: إذا أردنا بالجهة شيئاً موجوداً غير الله كَانَ هذا المكان أو الحيز مخلوقاً، فإذا قلنا: الله في جهة، ونقصد به الجزء الأعلى من الكون، أي: داخله، فيكون بهذا قد حصرنا الله سبحانه وجعلناه في شيء من مخلوقاته معين.

كيف يحد الله وهو أعظم من كل شيء؟

لا يمكن في أي حال من الأحوال أن يصح في الأذهان أن الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- يحصره شيء أو يحده شيء من مخلوقاته، كيف وهذه المخلوقات جميعاً ما هي في قبضته - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- إلا كالخردلة في يد الإِنسَان، فعلى أي اعتبار نظرنا فهو فوقها وهو أعظم منها.

وإذا أردت إيضاح ذلك فتأمل معي هذا العالم الذي نعيش فيه الآن عَلَى هذه الأرض وفوقنا السماء الدنيا، وهي أقرب سماء إلينا، أو هي التي نراها ونرى العالم الذي داخلها، هذه السماء الدنيا وسائر السماوات السبع ما هي في الكرسي إلا كحلقة ملقاة في فلاة، والله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أكبر وأعظم من كل شيء، فكيف يكون حالنا في هذا الكوكب ونحن في هذه الأرض التي لا تكاد تكون بالنسبة إِلَى عالم السماء الدنيا إِلَى الكون المنظور إلا هباءة أو ذرة؟!

<<  <   >  >>