للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثُمَّ قال به الباطنية وأمثالهم من الذين غلو في النفي فيقولون: لا نقول داخل العالم ولا خارجه، وهذا هو مذهب الأشعرية الذي ذكر في كتاب المواقف، الكتاب المعروف الذي يُدرس الآن في الجامعات خارج المملكة عَلَى أنه كتاب العقيدة، فيقولون: قالت الحشوية أنه فوق المخلوقات، ونقول نحن: إنه لا داخل العالم ولا خارجه، وقد ذكر شَيْخ الإِسْلامِ عبارة عظيمة، وهي: "عند العقلاء سواء أن تقول، فتشت عنه في كل مكان، وفي كل جهة فلم أجده، أو تقول: هو معدوم" أي: إذا قلت لك ما رأيك في كون هذا الشيء لا يوجد لا داخل العالم ولا خارجه؛ لفهمت كلامي هذا أنني أنفي وجوده نفياً مطلقاً.

إذاً: أنا قصدي ليس موجود عَلَى الإطلاق، فنقول لك: أي عاقل لا يفرق بين قولك: إن الشيء معدوم نهائياً، وبين أنك تقول: لا داخل العالم ولا خارجه، إذاً ليس له وجود، وحقيقة قولهم نفي وجوده، ولكنهم يريدون تنزيهه كما يزعمون أو كما يعتقدون.

إذا قال المؤمن السني الذي يتبع السلف الصالح: إن الله تَعَالَى فوق المخلوقات، أو قال في السماء، كما جَاءَ في القُرْآن والسنة، فسيأتيه المجادلون من أهل البدع، فيقولون له: يلزمك من هذا أن الله له مكان، أو أن الله له جهة، ونتيجة لذلك يقولون: نَحْنُ ننفي الجهة عن الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى.

المعنى الحق والمعنى الباطل لكلمة جهة

كلمة الجهة محتملة وفيها لبس، ولابد من التفصيل فيها لنعرف المعنى الصحيح والمعنى الباطل أو الخطأ لهذه الكلمة فإذا قال أحد: إن الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى له جهة، قلنا له: ماذا تريد بقولك: إن الله له جهة، فإن قَالَ: أريد العلو، أي: أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عال عَلَى المخلوقات.

<<  <   >  >>