وأما آيات النجم فلو تدبرناها لعلمنا أنها واضحة الدلالة إن شاء الله والآيات هي: وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى [النجم:١-٥] فالقضية قضية هذا الوحي، فالكفار يقولون: إنما يعلمه بشر، أساطير الأولين اكتتبها، ويقولون في النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كاهن، ساحر، شاعر، كل ذلك قد قاله الكفار فالله -عَزَّ وَجَلَّ- يُقسم بالنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى علمه شديد القوى، ومن الذي يعلمه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ تبين ذلك الآيات الأخرى إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ [الحاقة:٤٠]
إذاً: الرَّسُول الكريم هو رَسُول شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى * وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى * مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى [لنجم:٥-١٠] فالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما أتاه جبريل بالوحي خاف صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وحصلت له فترة من الوحي، كما جَاءَ في الحديث الصحيح كما في كتاب بدء الوحي في البُخَارِيّ، فخاف صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يدر ما هذا، فقد يكون شيطاناً وقد يكون ملكاً، وقد يكون ... فلا يعلمه لأول مرة، فمنّ الله تَعَالَى عليه في المجيء الثاني لجبريل بعد فترة الوحي بأن أتاه جبريل عَلَيْهِ السَّلام في صورته التي خلقه الله عليها، له ستمائة جناح كل جناح منها قد سد الأفق، ويتقاطر منه مثل الدر والياقوت عَلَيْهِ السَّلام فرآه رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حقيقته فاطمأنّ.