فقال عبد الجبار: أرأيت إن دعاني إلى الهدى وقضى عليَّ بالردى، أتراه أحسن إليَّ أم أساء؟
فقال أبو إسحاق: إن كان الذي منعك منه ملكًا لك فقد أساء، وإن كان له فإن أعطاك ففضل، وإن منعك فعدل.
فبهت عبد الجبار، وقال الحاضرون: واللَّه ما لهذا جواب.
وجاء أعرابي إلى عمرو بن عبيد وقال له: ادع اللَّه لي أن يرد عليَّ حمارة سرقت مني. فقال: اللهم إن حمارته سرقت ولم ترد سرقتها فارددها عليه. فقال له الأعرابي: يا هذا، كف عني دعائك الخبيث؛ إن كانت سرقت ولم يُرِدْ سرقتها فقد يريد ردها ولا تُرَدُّ.
وقد رفع اللَّه إشكال هذه المسألة بقوله تعالى:{وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ}[الإنسان/ ٣٠]، فأثبت للعبد مشيئة، وصرح بأنه لا مشيئة العبد إلا بمشيئة اللَّه -جل وعلا-، فكل شيء صادر عن قدرته ومشيئته جل وعلا، وقولِه (١): {قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (١٤٩)} [الأنعام/ ١٤٩].
وأما على قول من فسر الآية الكريمة بأن معنى: {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (٨)}: أنه بين لها طريق الخير وطريق الشر، فلا إشكال فى الآية. وبهذا المعنى فسرها جماعة من العلماء.
والعلم عند اللَّه تعالى.
(١) السياق: "وقد رفع اللَّه إشكال هذه المسألة بقوله تعالى. . . وقوله. . . ".