الثاني: هو ماذهب إليه مالك بن أنس -رحمه اللَّه تعالى- من أن أقل الجمع اثنان. ونظيره قوله تعالى:{فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ}[النساء/ ١١] أي أخوان فصاعداَ.
هذه الآية الكريمة تدل بدلالة الالتزام على أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أب لهم؛ لأن أمومة أزواجه لهم تستلزم أبوته -صلى اللَّه عليه وسلم- لهم.
وهذا المدلول عليه بدلالة الالتزام مصرَّح به في قراءة أبي بن كعب -رضي اللَّه عنه-؛ لأنه يقرؤها:(وأزواجه أمهاتهم وهو أب لهم). وهذه القراءة مروية -أيضًا- عن ابن عباس.
وقد جاءت آية أخرى تصرح بخلاف هذا المدلول عليه بدلالة الالتزام والقراءة الشاذة، وهي قوله تعالى:{مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ} الآية [الأحزاب/ ٤٠].
والجواب ظاهر، وهو: أن الأبوة المثبتة دينية، والأبوة المنفية طينية.
وبهذا يرتفع الإشكال في قوله:{وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} مع قوله: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ}، إذ يقال: كيف يلزم الإنسان أن يسأل أمه من وراء حجاب؟
والجواب ما ذكرناه الآن، فهن أمهات في الحرمة والاحترام، والتوقير والإكرام، لا في الخلوة بهن ولا في حرمة بناتهن، ونحو ذلك. والعلم عند اللَّه تعالى.