الدينية: أنه بالنسبة إلى وجود المراد وعدم وجوده فالإرادة الكونية أعم مطلقًا؛ لأن كل مراد شرعًا يتحقق وجوده في الخارج إذا أريد كونًا وقدرًا، كإيمان أبي بكر. وليس يوجد ما لم يُرَدْ كونًا وقدرًا ولو أريد شرعًا، كإيمان أبي لهب. فكل مراد شرعي حصل فبالإرادة الكونية، وليس كل مراد كوني حصل مرادًا في الشرع.
وأما بالنسبة إلى تعلق الإرادتين بعبادة الإنس والجن للَّه تعالى، فالإرادة الشرعية أعم مطلقًا والإرادة الكونية أخص مطلقًا؛ لأن كل فرد من أفراد الجن والإنس أراد اللَّه منه العبادة شرعًا ولم يردها من كلهم كونًا وقدرًا، فتعم الإرادة الشرعية عبادة جميع الثقلين، وتختص الإرادة الكونية بعبادة السعداء منهم، كما قدمنا من أن الدعوة عامة والتوفيق خاص، كما بينه تعالى بقوله: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٢٥)} [يونس/ ٢٥]، فصرح بأنه يدعوا الكل ويهدي من شاء منهم.
وليست النسبة بين الإرادة الشرعية والقدرية العموم والخصوص من وجه، بل هي العموم والخصوص المطلق، كما بيَّنا، إلا أن إحداهما أعم مطلقا من الأخرى باعتبار، والثانية أعم مطلقًا باعتبار آخر، كما بيَّنا.