للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه هذه الفضيلة العظيمة للمجاهد، وهي تكفير خطاياه كلها إلا حقوق الآدميين، وإنما يكون تكفيرها بهذه الشروط المذكورة، وهو أن يقتل صابراً محتسباً، مقبلاً غير مدبر.

وفيه أن الأعمال لا تنفع إلا بالنية والإخلاص لله تعالى.

قوله صلى الله عليه وسلم "مقبل غير مدبر" لعله احتراز ممن يقبل في وقت، ويدبر في وقت، والمحتسب هو المخلص لله تعالى؛ فإن قاتل لعصبية، أو لغنيمة، أو لصيت، أو نحو ذلك فليس له هذا الثواب ولا غيره.

وأما قوله صلى الله عليه وسلم "إلا الدين" ففيه تنبيه على جميع حقوق الآدميين، وأن الجهاد، والشهادة، وغيرهما من أعمال البر لا يكفر حقوق الآدميين، وإنما يكفر حقوق الله تعالى.

وأما قوله صلى الله عليه وسلم "نعم" ثم قال بعد ذلك "إلا الدين" فمحمول على أنه أوحى إليه به في الحال؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم " إلا الدين فإن جبريل قال لي ذلك. والله أعلم" ا?.

وقال القرطبي في كتابه: "الجامع لأحكام القرآن"١ عند قوله تعالى:

{وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} ٢ فيه ثمان مسائل، ثم قال:

السادسة: هذه الآية تدل على عظيم ثواب القتل في سبيل الله، والشهادة فيه، حتى أنه يكفر الذنوب كما قال صلى الله عليه وسلم: "القتل في سبيل الله


١ ٤/٢٧٢.
٢ آل عمران: ١٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>