للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال البلقيني في "محاسن الاصطلاح": "وهذه الحكاية التي ذكرها الحاكم تدل على أن الجهابذة النقاد يميزون بين صحيح الحديث وسقيمه ومعوجه ومستقيمه كما يميّز الصيرفي بين الجيد والرديء وكم من شخص لذلك لا يهتدي". اه.

وسأل بعض الأجلاء من أهل الرأي (القياس) أبا حاتم عن أحاديث؟ فقال في بعضها هذا خطأ دخل لصاحبه حديث في حديث وهذا باطل وهذا منكر وهذا صحيح.

فسأله: من أين علمت هذا أخبرك الراوي بأنه غلط أو كذب؟ فقال له: لا ولكني علمت ذلك، فقال له الرجل: أتدَّعي الغيب؟ فقال: ما هذا ادعاء غيب، قال: فما الدليل على قولك؟ فقال: أن تسأل غيري من أصحابنا فإن اتفقنا علمت أنا لم نجازف.

فذهب الرجل إلى أبي زرعة، وسأله عن تلك الأحاديث بعينها فاتفقا، فتعجب السائل من اتفاقهما من غير مواطأة، فقال له أبو حاتم: أفعلمت أنا لم نجازف؟ ثم قال: والدليل على صحة قولنا، أنك تحمل بهرجاً إلى صيرفي فإن أخبرك أنه بهرج وقلت له: أكنت حاضراً حين بهرج أو هل أخبرك الذي بهرجه بذلك؟ يقول لك لا. ولكن علم رزقنا معرفته، وكذلك إذا حملت إلى جوهري فص ياقوت وفص زجاج يعرف ذا من ذا، ونحن نعلم صحة الحديث بعدالة ناقليه، وأن يكون كلاماً يصلح أن يكون كلام النبوة، ونعرف سقمه ونكارته بتفرد من لم تصح عدالته.

<<  <  ج: ص:  >  >>