لما كان موضوع هذه الرسالة أو معظمه في علل الحديث، رأيت تخصيص الكلمة الآتية للتحدث عن أهمية علم علل الحديث ومنزلته من علوم الحديث، وتعريف العلة، والحديث المعل، ومواطن العلة، وأنواعها، وكيف تدرك؟ والطرق الموصلة إليها مما أرشد إليه النقاد، وأهم الكتب المؤلفة في علل الحديث مع ذكر مؤلفيها ووفياتهم.
وذلك ليتمكن القارئ الكريم من متابعة بحوث هذه الرسالة بشكل جيد ومرضي، وليكون على ذكرى من هذا العلم العملاق والخطير، وما قام به أسلافنا الصالحون -رحمهم الله تعالى- من مجهودات ضخمة وعظيمة في هذا المضمار تفوق التصور والوصف، فيكفي أن نعلم أن الواحد منهم كان يقطع الفيافي والقفار –مع قلة الإمكانات وصعوبة وسائل المواصلات- ويسير المراحل الطويلة الواسعة ينتقل من مكان إلى مكان من أجل تصحيح حديث أو تضعيفه، وهذا بالفعل ما حصل لشعبة بن الحجاج -رحمه الله- حين رحل من الكوفة إلى مكة، ثم إلى المدينة، ثم إلى البصرة يتتبع حديثاً واحداً فقط هو حديث عقبة بن عامر:"من توضأ فأحسن الوضوء ثم دخل مسجداً فصلى ركعتين واستغفر الله غفر الله له". يريد