للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد تقلَّد هذا القولَ بعد شيخ الإسلام ابن تيميَّة جماعة مِن متأخّري الحنفيّة نصّوا على تحريم شدّ الرحال إلى زيارة القبور، ومنهم:

- الإمام البركوي - رحمه الله -؛ حيث قال في سياق بيانه لمفاسد اتخاذ القبور مساجد: (ومنها: السَّفرُ إليها، مع التعب الأليم، والإثم العظيم؛ فإن جمهور العلماء قالوا: السفر إلى زيارة قبور الأنبياء والصالحين بدعة؛ لم يفعلها أحدٌ من الصحابة والتابعين، ولا أمر بها رسول رب العالمين، ولا استحبّها أحدٌ من أئمة المسلمين. فمن اعتقد ذلك قُربةً وطاعةً = فقد ... خالف الإجماع، ولو سافر إليها بذلك الاعتقاد؛ يحرُم بإجماع المسلمين. فصار التحريم من جهة اتخاذه قربة = ومعلومٌ أن أحدًا لا يسافر إليها إلا لذلك. .) (١) والإمام وليّ الله الدهلوي، وسيأتي نقل قوله - رحمه الله -.

- وكذلك الإمام محمود شكري الآلوسي (٢)، وكتابه " غاية الأماني " زاخرٌ بتقرير هذا المعنى.

القضية الثانية: أن يقال: ليس مع المُستحبِّين لشدِّ الرِّحالِ إلى زيارة القبور=دليلٌ يُعتمَد عليه، وحجةٌ يُعوَّلُ عليها؛ بل جُلُّ اعتمادهم على أحاديث مكذوبة، وأقوالٍ لمتأخّري أصحاب المذاهب في ميزان الحقِّ مرجوحة، وهؤلاء لا يُجعَل قولُهم حجّة على كلام الأئمة المتقدّمين؛ فضْلًا عن أن يكون حجة على الشّرع.

فأين أقوال الأئمة الأربعة على استحباب ذلك؟ وما مستندُ الإجماع


(١) زيارة القبور (٢١٣) والبركوي (٩٢٩ - ٩٨١ هـ): هو محمد بير علي بن إسكندر البركوي الرومي، محي الدين، من علماء الحنفية، وأحد القضاة الدولة العثمانية، من مؤلفاته: "الطريقة المحمدية"=انظر: "الأعلام "للزركلي (٦/ ٦١)
(٢) محمود شكري الآلوسي (١٢٧٣ - ١٣٤٢ هـ):هو محمود شكري بن عبد الله بن شهاب الدين الآلوسي الحُسيني، أبو المعالي، عالم مُتفنِّن، من الدُّعاة إلى السُّنة، من تصانيفه"بلوغ الأرب في أحوال العرب"،و"تاريخ نجد"=انظر: "الأعلام" (٧/ ١٧٢)

<<  <   >  >>