للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما بين تبارك وتعالى أن على والد الطفل أن يستحضر تقوى الله تعالى فيما يخص والدة طفله فلا يمنعْها من إرضاعه إضرارا بها فهو حق لها, وذلك لأن الأم أحنى وأرق على ولدها من غيرها (١).

وكذلك فإن عليه ما يلزمها من نفقة وكسوة, وذلك أن إرضاع الطفل يحتاج إلى ما يدر لبن الأم وتقوى به على الإرضاع, فتحتاج الأم إلى قوت لها ولولدها, سواء كانت الأم زوجة أم مطلقة (٢) وبين تعالى أن النفقة والكسوة على قدر الاستطاعة حيث قال: {لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا}.

وإذا كان هذا فيما يتعلق بالآباء, فإن على الوالدات أن يتقين الله في أمر أولادهن فلا يمتنعن عن إرضاع أولادهن اللبأ الذي لا يعيش بدونه غالبا, قبل تسليمه لوالده، إن لم ترد إرضاعه, وكذلك عليها الحذر من أن يكون امتناعها عن إرضاع المولود بقصد الإضرار بوالده (٣) فإن ذلك ينافي التقوى, هذا إن كانت مطلقة أما إن كانت في حال الزوجية وتستطيع إرضاعه فيجب عليها (٤)

وبهذا تتبين الحكمة بالأمر بالتقوى في ختام هذه الآية {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٢٣٣)} وذلك حتى تحفظ الحقوق فيما ألزم الله به كلا من الرجل والمرأة وفي ذلك صلاح لهما ولولدهما.


(١) {انظر: الجامع لأحكام القرآن (٤/ ١٠٦).
(٢) {وهذا هو الراجح لعموم الآية, كما رجح ذلك القرطبي رحمه الله في تفسيره (٤/ ١١١) , وابن قدامة رحمه الله في المغني (١١/ ٤١٣, ٤٢٩).
(٣) {تفسير القرآن العظيم (١/ ٦٣٢).
(٤) وذلك لأنه عرف يلزم إذ قد صار كالشرط (الجامع لأحكام القرآن ٤/ ١٠٧).

<<  <   >  >>