للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حدود الله، فعمدَتْ إلى الشفرة لتذبح بها نفسها، فأدركتها وقد قطعَت بعض أوداجها فداويتها حتى برئت، ثم إنها أقبلت بتوبة حسنة، فهي تخطب إلَيّ يا أمير المؤمنين، فأخبرُ من شأنها بالذي كان؟

فقال عمر: أتخبر بشأنها؟ تعمد إلى ما ستره الله فتبديه! والله لئن أخبرت بشأنها أحدًا من الناس لأجعلنك نَكالا لأهل الأمصار، بل أنكحها بنكاحِ العفيفة المسلمة (١).

فلما أحدثت توبة صادقة حكم لها عمر رضي الله عنه أن تنكح نكاح العفيفة.

ومع التحذير الشديد في القرآن من تزويج أهل الفحش والفجور فقد جاءت السنة المطهرة بالترغيب في تزويج أهل الدين والخلق, فقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد) قالوا يا رسول الله! وإن كان فيه؟ قال: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه) ثلاث مرات (٢).

فتأمل تحذير النبي - صلى الله عليه وسلم - من عدم تزويج أهل الديانة والخلق بحصول الفساد في الأرض والفتنة وذلك لأن في رد هؤلاء لأجل انتظار أصحاب المال والحسب والجمال تعطيل لمصلحة الزوج وإبقاء للنساء في البيوت وهما أسس بناء الأسرة فإذا حصل هذا كثر الافتتان وخشي وقوع الزنا (٣).


(١) أخرجه الطبري في تفسيره من عدة طرق متقاربة في اللفظ (٩/ ٥٨٤).
(٢) أخرجه الترمذي من حديث أبي حاتم المزني, كتاب النكاح, باب إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه برقم (١٠٥٨) وقال: هذا حديث حسن غريب و أبو حاتم المزني له صحبة ولا نعرف له عن النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث, ورواه من طريق أبي هريرة بسند منقطع (١٠٨٤) , ورواه ابن ماجة, كتاب النكاح باب الأكفاء برقم (١٩٦٧) , والحاكم في المستدرك, كتاب النكاح (٢٦٩٥) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه, وحسنه الشيخ الألباني (انظر: إرواء الغليل ٦/ ٢٦٨)
(٣) انظر: تحفة الأحوذي (٤/ ١٧٣).

<<  <   >  >>