منه، فلما نصبوا الرماح على جنبتي الوادي، وعلم ما يدخل في المسجد من ذلك، وزنوه مرة أخرى وقدروا ذلك. فلما أراد أمير المؤمنين الشخوص إلى العراق خلّف أموالا عظيمة فاشتروا من الناس دورهم، وأرغبوهم، فكان ثمن ما دخل في المسجد من ذلك كل ذراع مكسر بخمسة وعشرين دينارا، وعن كل ذراع دخل في الوادي مكسرا خمسة عشر دينارا، وأرسل إلى مصر وإلى الشام، فنقلت له أساطين الرخام في السفن حتى أنزلت بجدة، ثم نقلت على العجل من جدة إلى مكة، ووضعوا أيديهم فهدموا الدور، وبنوا المسجد، وذلك في سنة سبع وستين ومائة، فكان ابتداؤهم فيما ذكروا من أعلى المسجد من باب بني هاشم الذي يستقبل الوادي والبطحاء، ووسع ذلك الباب وجعل بازائه من أسفل المسجد مستقبله بابا آخر، وهو الباب الذي يستقبل فج خط الحزامية، يقال له اليوم: باب البقّالين. فقال المهندسون: إن جاء سيل عظيم فدخل المسجد خرج من ذلك الباب ولم يحمل في شق الكعبة، وهدموا أكثر دار ابن عباد بن جعفر العايدي، وجعلوا المسعى والوادي فيها، وهدموا ما كان بين الصفا والوادي من الدور، ثم حرفوا الوادي في موضع الدور حتى لقوا به الوادي القديم بباب أجياد الكبير بفم خط الحزامية. فالذي زيد في المسجد من شق الوادي تسعون ذراعا من موضع جدر المسجد الأول إلى موضعه اليوم. وإنما كان عرض المسجد الأول من جدر الكعبة اليماني إلى جدر المسجد اليماني الشارع على الوادي الذي يلي باب الصفا تسعة وأربعين ذراعا ونصف ذراع، ثم بنى منحدرا حتى دخلت دار أم هانئ بنت أبي طالب-رضي الله عنها-فيه، وكانت عندها بئر جاهلية، كان قصي بن كلاب حفرها فدخلت تلك البئر في المسجد، فحفر المهدي عوضا منها البئر التي على باب البقّالين في جدر ركن المسجد الحرام اليوم.