"وروى ابن إسحاق" محمد في السيرة، "عن حميد الطويل" الخزاعي البصري، ثقة تابعي صغير حافظ، توفي وهو قائم يصلي سنة أربعين ومائة، وقيل: سنة ثلاث، وقيل: اثنتين، وله خمس وسبعون سنة، واختلف في اسم أبيه على نحو عشرة أقوال، قيل: كان طويل اليدين، فلقب بذلك. وقال الأصمعي: رأيته ولم يكن طويلا، لكن كان له جار يعرف بحميد القصير، فقيل له: الطويل، ليعرف من الآخر. ولفظ ابن إسحاق: حدثني حميد، وكان الأولى للمصنف أن يأتي به؛ لأن ابن إسحاق وإن كان ثقة حافظا، لكنه يدلس فلا يقبل منه إلا ما صرح فيه بالتحديث، كما هو الواقع هنا، ثم حميد يدلس أيضا، ولذا علقه البخاري، وقرنه بثابت، فقال: حميد وثابت، "عن أنس قال: كسرت رباعيته صلى الله عليه وسلم يوم أحد، وشج وجهه، فجعل الدم يسيل على وجهه الشريف، وجعل يمسحه، ويقول: "كيف" استفهام تعجب، "يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم، وهو يدعوهم إلى ربهم" وذلك مقتض لمزيد إكرامه، وإنزالهم إياه منزلة الروح من الجسد لا إيذائه، "فأنزل الله: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران: ١٢٨] ، إنما أنت عبد مأمور بإنذارهم، وجهادهم وشيء اسمه ليس ولك خبر، ومن الأمر حال من شيء لأنها صفة مقدمة، {أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِم} إن أسلموا فنسر به، {أَوْ يُعَذِّبَهُم} إن أصروا فتشتفي منهم، وأو بمعنى إلا أن كما قطع به الجلال، وزاد البيضاوي: أو عطف على الأمر، أو شيء بإضمار أن، أي: أليس لك شيء من أمرهم، أو التوبة عليهم، أو تعذيبهم، {فَإِنَّهُمْ ظَالِمُون} [آل عمران: ١٢٨] ، بالكفر، وأما جعله عطفا على قوله: ليقطع طرفا من الذين كفروا، كما جزم به المصنف في شرح الصحيح، أو على قوله: أو يكبتهم وليس لك من الأمر اعتراض بين المعطوف والمعطوف عليه، والمعنى أن الله مالك أمرهم فإما أن يهلكهم، أو يكبتهم، أو يتوب عليهم، كما هو أحد الوجوه في البيضاوي، فقيه وقفة؛ لأن عامل يكبتهم هو قوله: ليقطع، وهو متعلق بقوله: نصركم، فكيف يكون سبب لنزول قوله: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ} الآية، المسوق لغير ما سيق له ما قبله، ثم قوله فأنزل الله: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ