وعند الحاكم أن المقداد ممن ثبت، فيحتمل أنه حضر بعد تلك الجولة، وللنسائي والبيهقي بسند جيد عن جابر، تفرق الناس يوم أحد وبقي معه أحد عشر رجلا من الأنصار وطلحة، وهو كحديث أنس إلا أنه زاد ثلاثة، فلعلهم جاءوا بعد، ويجمع بينه وبين حديث غير طلحة وسعد، بأن سعدا جاءهم بعد ذلك كما مر عنه، وأن المذكورين من الأنصار استشهدوا كما في مسلم عن أنس، فقال صلى الله عليه وسلم: "من يردهم عنا وهو رفيقي في الجنة" فقام رجال من الأنصار فاستشهدوا كلهم، فلم يبق غير طلحة وسعد، ثم جاء بعدهم من جاء، وسمى ابن إسحاق بسنده ممن استشهد من الأنصار الذين بقوا مع النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ زياد بن السكن، قال: وبعضهم يقول: عمارة بن زياد بن السكن في خمسة من الأنصار، واختلاف الأحاديث باعتبار اختلاف الأحوال، وأنهم تفرقوا في القتال، فلما ولى من ولى، وصاح الشيطان، اشتغل كل واحد بهمه والذب عن نفسه، كما في حديث سعد، ثم عرفوا عن قرب بقائه صلى الله عليه وسلم فتراجعوا إليه أولا فأولا، ثم بعد ذلك كان يقدمهم إلى القتال، فيشتغلون به، ذكره الحافظ ملخصا، وذكر بعض شراح البخاري أن الانثي عشر قيل هم العشرة، وجابر، وعمار، وابن مسعود. قال الحافظ في مقدمة الفتح: هذا غلط من قائله إنما ذلك حال الانفضاض يوم الجمعة، وقد ثبت في الصحيح أن عثمان لم يبق معه. وقال البرهان: وهؤلاء ثلاثة عشر، وكأنه انتقل حفظه من الانفضاض في الجمعة إلى هنا. "فأصابوا منا" أي: من المسلمين، وفي رواية منهم "سبعين" قتيلا، "وكان عليه الصلاة والسلام" وأصحابه أصابوا" هكذا رواه الكشميهني ولغيره أصاب فينبغي كما قال شيخنا قراءة، وأصحابه بالنصب مفعولا معه، أي: أصاب مع أصحابه "من المشركين يوم بدر أربعين ومائة سبعين أسيرا وسبعين قتيلا" كما أشير إليه بقوله تعالى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا} [آل عمران: ١٦٥] . قال الحافظ: وروى سعيد بن منصور من مرسل أبي الضحى: قتل يوم أحد سبعون، أربعة من المهاجرين: حمزة، ومصعب، وعبد الله بن جحش، وشماس بن عثمان وسائرهم من الأنصار، وبهذا جزم ابن إسحاق، وأخرج ابن حبان والحاكم عن أبي بين كعب قال: أصيب يوم أحد من الأنصار أربعة وستون من المهاجرين، ستة، وكان الخامس سعدا مولى حاطب بن أبي بلتعة، والسادس ثقيف بن عمرو الأسلمي حليف بني شمس.