للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويقال: إبليس لعنه الله تصور في صورة جعال.

وقال قائل: أي عباد الله أخراكم، أي: احترزوا من جهة أخراكم فعطف المسلمون يقتل بعضهم بعضا وهم لا يشعرون، وانهزمت طائفة منهم إلى جهة المدينة، وتفرق سائرهم، ووقع فيهم القتل.


قال السهيلي: قيد هنا بكسر الهمزة، وسكون الزاي، وابن ماكولا قيده بفتح الهمزة. وحديث ابن الزبير يشهد للأول إذا رأى رجلا طوله شبران على برذعة رحله، فقال: ما أنت؟ قال: إزب، قال: ما إزب؟ قال: رجل من الجن، فضربه على رأسه بعود السوط حتى باض، أي: هرب.
وقال يعقوب بن السكيت في الألفاظ: الإزب القصير، فالله أعلم، أي الضبطين أصح هل الإزب والأزب شيطان واحد أو اثنان، انتهى. وظاهره سكون الزاي، وخفة الباء مع كسر الهمزة وفتحها، ومقتضى القاموس، أي: مفتوحها بفتح الزاي وشد الموحدة، وبعض المتأخرين جعلهما قولين.
"ويقال إبليس لعنه الله" كما جزم به ابن سعد، "تصور في صورة جعال"، ويقال له جعيل بن سراقة الضمري، أو الغفاري، أو الثعلبي. قال في الاستيعاب: وكان رجلا صالحا دميما أسلم قديما وشهد معه عليه السلام أحدًا، ويقال: إنه الذي تصور إبليس في صورته يوم أحد، انتهى. فصرخ ثلاث صرخات أن محمدا قد قتل ولم يشك فيه أنه حق، وكان جعال إلى جنب أبي بردة بن نيار، وخوات بن جبير يقاتل أشد القتال، ثم ليس هذا بخلاف محقق، فالثلاثة صاحوا ابن قمئة لظنه، والأزب وإبليس لمحاولة ما لم يصلا إليه.
"وقال قائل" هو إبليس لعنه الله، كما في البخاري، وقدمه المصنف قريبا، فنقله عن غيره عجب، "أي: عباد الله أخراكم، أي: احترزوا من جهة أخراكم".
قال المصنف: أي: احترزوا من الذين وراءكم متأخرين عنكم، وهي كلمة تقال لمن يخشى أن يؤتى عند القتال من ورائه، وغرض اللعين أن يغلطهم ليقتل المسلمون بعضهم بعضا، "فعطف" أي: رجع "المسلمون يقتل بعضهم بعضا وهم لا يشعرون" من العجلة والدهش، "وانهزمت طائفة" قليلة "منهم"، واستمروا "إلى جهة المدينة، وتفرق سائرهم ووقع فيهم القتل".
قال الحافظ: والواقع أنهم صاروا ثلاث فرق، فرقة استمروا في الهزيمة إلى قرب المدينة، فما رجعوا حتى انفض القتال وهم قليل، وهم الذين نزل فيهم: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ} [آل عمران: ١٥٥] ، وفرقة صاروا حيارى لما سمعوا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قتل، فصارت غاية الواحد منهم أن يذب عن نفسه، أو يستمر على بصيرته في القتال إلى أن يقتل وهم أكثر

<<  <  ج: ص:  >  >>