للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: أنا آخذه بحقه يا رسول الله، فأعطاه إليه وكان رجلا شجاعا يختال عند الحرب، فلما رآه عليه الصلاة والسلام، يتبختر قال: "إنها لمشية يبغضها الله إلا في مثل هذا الموطن".


وروى الدولابي في الكنى عن الزبير، قال عليه السلام: "لا تقتل به مسلما، ولا تفر به من كافر". "قال: أنا آخذه بحقه يا رسول الله" أي: بما يقابله من الثمن، وهو الصفة التي ذكرتها، وجعل القتال به ثمنه مجازا.
وعند الطبراني قال: "لعلك إن أعطيتكه تقاتل به في الكيول"، قال: لا، "فأعطاه إليه،" ولعله علم بالوحي أنه لا يقوم به حق القيام إلا هو وهي مزية.
"وكان رجلا شجاعا يختال عند الحرب" قال في النور: الخيلاء والمخيلة والاختيال، كله التكبر، "فلما رآه عليه الصلاة والسلام يتبختر قال: "إنها لمشية يبغضها الله" بضم الياء وكشر الغين، من أبغض لا بفتحها، وضم الغين من بغض؛ لأنه لغة رديئة، كما في المصباح والقاموس، وقد وهم في ذلك بعضهم، "إلا في مثل هذا الموطن" لدلالتها على احتقار العدو، وعدم مبالاته بهم على حد قوله:
جاء شقيق عارضا رمحه
فينكسر قلب العدو، ويداخله مزيد الرعب. "قال الزبير بن العوام فيما قاله" عبد الملك "بن هشام" الحميري المعافري المصري، وأصله من البصرة، العلامة في النسب والنحو، المشهور بحمل العلم، مهذب سيرة ابن إسحاق التي رواها عن زيادة البكائي، عنه المتوفى بمصر سنة ثلاث عشرة ومائتين. ولفظه: حدثني غير واحد من أهل العلم، أن الزبير بن العوام قال: وجدت في نفسي حين سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم السيف، فمنعنيه، وأعطاه أبا دجانة، وقلت: أنا ابن صفية عمته ومن قريش، وقد قمت إليه وسألته إياه قبله، فأعطاه أبا دجانة وتركني "فقلت: والله لأنظرن ما يصنع أبو دجانة فاتبعته" لأشاهد الآية الباهرة في منع المصطفى لي ولغيري فيزداد يقيني.
وقوله: وجدت، أي غضبت، أو حزنت، كما في النور وغيره، أي: على نفسه، خوفا أن المنع بسبب فيه يقتضيه، "فأخذ" لفظ ابن هشام، فأخرج. وفي الينابيع ثم أهوى إلى ساق خفه، فأخرج منها "عصابة له حمراء" مكتوبا في أحد طرفيها نصر من الله وفتح قريب، وفي طرفها الآخر الجبانة في الحرب عار، ومن فر لم ينج من النار، انتهى. "فعصب" قال البرهان: مخفف

<<  <  ج: ص:  >  >>