للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بالانصراف لكفرهم، بمكان يقال له الشوط، ويقال بأحد.


عمران: ١٢٢] ، بني سلمة وبني حارثة، وما أحب أنها لم تنزل، والله يقول: والله وليهما. قال الحافظ: أي: أن الآية وإن كان في ظاهرها غض منهم، لكن في آخرها غاية الشرف لهم. قال ابن إسحاق: قوله والله وليهما، أي الدافع عنهما ما هموا به من الفشل؛ لأن ذلك كان من وسوسة الشيطان من غير وهن منهم في دينهم.
وفي الصحيح أيضا عن عبد الله بن زيد، لما خرج صلى الله عليه وسلم إلى غزوة أحد، رجع ناس ممن خرج معه، وكان أصحابه صلى الله عليه وسلم فرقتين، فرقة تقول نقاتلهم، وفرقة تقول لا نقاتلهم. فنزل: {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا} [النساء: ٨٨] ، وقال: إنها طيبة تنفي الذنوب، كما تنفي النار خبث الحديد، وهذا هو الأصح في سبب نزولها، وقوله: الذنوب، كذا رواه البخاري في المغازي، وفي الحج بلفظ: تنفي الرجال، وفي التفسير: تنفي الخبث، وهو المحفوظ قاله في الفتح: "ويقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بالانصراف لكفرهم"، حكاه مغلطاي وغيره.
والتنظير فيه بأن الذين ردهم لكفرهم، حلفاء ابن أبي اليهود، وكان رجوعهم قبل الشوط لا يلتفت إليه، فنقل الحفاظ لا يدفع بالتوهمات العقلية، وأيضا فهؤلاء ثلاثمائة، واليهود ستمائة، كما مر. والجواب: بأن المعنى أمر بالكف عنهم ونهي عن طلب رجوعهم، فكأنه أمرهم "بمكان يقال له: الشوط" بشين معجمة مفتوحة، فواو ساكنة، فطاء مهملة، اسم حائط بالمدينة، كما في النور. وفي ابن إسحاق: بين المدينة وأحد.
"ويقال:" انخزلوا "بأحد"، وبالأول جزم ابن إسحاق، ثم قال: قال صلى الله عليه وسلم لأصحابه: "من يخر بنا على القوم من كثب" أي: "من قرب من طريق لا يمر بنا عليهم" فقال أبو خيثمة: أنا يا رسول الله، فنفذ به في حرة بني حارثة بوبين أمواله، حتى سلك في مال لمربع بن قيظي، وكان منافقا ضريرا، فلما سمع حس المصطفى والمسلمين، قام يحثي في وجوههم التراب، ويقول: إن كنت رسول الله، فإني لا أحل لك أن تدخل في حائطي، وقد ذكر لي، أنه أخذ وجهك، فابتدره القوم ليقتلوه، فقال صلى الله عليه وسلم: "لا تقتلوه، فهذا الأعمى أعمى القلب، أعمى البصر"، وقد بدر إليه سعد بن زيد الأشهلي قبل النهي، فضربه بالقوس في رأسه فشجه، ومضى صلى الله عليه وسلم حتى نزل الشعب من أحد في عدوة الوادي إلى الجبل، فجعل ظهره وعسكره إلى أحد.
وفي رواية: أنه لما وصل إلى أحد صلى به الصبح صفوفا عليهم سلاحهم وغلط من

<<  <  ج: ص:  >  >>