"وأدلج عليه الصلاة والسلام" قال البرهان: اختلف اللغويون في أن أدلج مخففا ومثقلا لغتان، في سير الليل كله أو بينهما فرق، وهو قول الأكثر فأدلج بالتشديد، سار آخر الليل، وأدلج، بسكون الدال، سار الليل كله، وسار دلجة من الليل، أي: في ساعة، انتهى. فإن قرئ المصنف بالتشديد، فقوله "في السحر" وهو قبيل الفجر، بيان للمراد من آخر الليل، وإن خفف كان بيانا لوقت السير، ويؤخذ من كلام ابن إسحاق، أنهم خرجوا من ثنية الوداع شامي المدينة. وقد روى الطبراني في الكبير والأوسط، برجال ثقات، عن أبي حميد الساعدي، أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوم أحد، حتى إذا جاوز ثنية الوداع، فإذ هو بكتيبة خشناء، فقال: "من هؤلاء"؟ قالوا: عبد الله بن أبي في ستمائة من مواليه من اليهود، فقال: "وقد أسلموا"؟، قالوا: لا يا رسول الله، قال: "مروهم فليرجعوا" فإنا لا نستعين بالمشركين على المشركين". قال ابن إسحاق: وكان دليله صلى الله عليه وسلم أبو خيثمة الحرثي، بخاء معجمة، وياء ومثلثة، ووهمه اليعمري ومغلطاي بأن الذي ذكره الواقدي، وابن سعد، أنه أبو حتمة، والد سهل بن أبي حتمة، يعني بحاء مهملة ففوقية، زاد مغلطاي: وقول ابن أبي حاتم، كان الدليل سهل بن أبي حتمة غير صحيح، لصغر سنه عن ذلك، انتهى, "وقد كان صلى الله عليه وسلم لما عسكر" بالشيخين قال السمهودي: بلفظ تثنية شيخ اطمأن بجهة الوالج، سميا بشيخ وشيخة، كانا هناك هيأ مسجدا له صلى الله عليه وسلم صلى به في مسيره لأحد وعسكر هناك، "رد جماعة من المسلمين لصغرهم". قال الإمام الشافعي: رد صلى الله عليه وسلم سبعة عشر صحابيا، عرضوا عليه وهم أبناء أربع عشرة سنة؛ لأنه لم يرهم بلغوا، وعرضوا عليه وهم أبناء خمس عشرة، فأجازهم. قال البرهان: يحتمل أن يريد ردهم في أحد، ويحتمل مجموع من رده في هذا السن في غزواته وكل منهما فائدة. وظاهر الشامي احتمال الأول فإنه عد من رده في أحد سبعة عشر، ثم أجاز اثنين منهم، "منهم: أسامة" بن زيد، "و" عبد الله "بن عمر" بن الخطاب، وما وقع في نسخة سقيمة من الشامية عمر، وبزيادة واو خطأ، لا يعول عليه، فإن ابن عمرو بن العاص لم يكن أسلم حينئذ، وكان مع أبيه.