"قال: ولا تفهم هذه الحقيقة إلا بأن يعلم أن للدار وجودين: وجودًا" بالنصب بدل مفصل من مجمل "في ذهن المهندس ودماغه" عطف تفسير لبيان محله عند الحكماء إذ الذهن القوي المدركة الباطنة، وهي حاصلة في مقدم الدماغ، وذكره لبيان تصويره في حد ذاته، فلا ينافي أن الغزالي كغيره من أهل السنة لا يقول به. "والوجود الثاني: أنه" أي: المهندس "ينظر إلى صورة الدار خارج الذهن في الأعيان والوجود الذهني سبب الوجود الخارج للعين، فهو سابق لا محالة" بفتح الميم، أي: لا بد كما في المختار "كذلك" مبتدأ حذف خبره، أي: كهذين الوجودين فعل الله وتصرفه في خلقه؛ كما أشار إليه بقوله "فاعلم" وهذا جواب شرط مقدر نشأ من قوله وكذلك، أي وإذا أردت معرفة ذلك في حقه تعالى وفيه إشارة إلى استحالة الوجود الذهني في حقه تعالى وأن الشبيه إنما هو من حيث سبق التقدم ثم الإيجاد فقط، "إن الله تعالى يقدر" الأشباء قبل إيجادها، "ثم يوجد" ذلك الذي قدره "على وفق التقدير ثانيًا، انتهى". واقتصر على هذين الوجودين؛ لأنهما الصالحان في مادة جوابه، وإلا فللشيء من حيث هو وجودان آخران: وجود في الكتابة ووجود في العبارة. صرح به الجعبري مقدمًا العيني على الذهني، نظرًا إلى الإخبار بالشيء بعد تحصيله وتعقله عند المخبر بالكسر، والغزالي قدم الذهني