للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال عمرو بن ميمون: اثنتان فعلهما النبي صلى الله عليه وسلم لم يؤمر فيهما بشيء: إذنه للمنافقين وأخذه الفداء من الأسرى، فعاتبه الله كما تسعمون. وأما قول بعضهم إن هذه الآية تدل على أنه وقع من الرسول ذنب لأنه تعالى قال: {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ} والعفو يستدعي سالفة ذنب، وقول الآخر: {لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ} استفهام بمعنى الإنكار، فاعلم أنا لا نسلم أن قوله تعالى: {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ} يوجب ذنبًا، ولم لا يقال إن ذلك يدل على مبالغة الله تعالى في توقيره وتعظيمه، كما يقول الرجل لغيره، إذا كان عظيمًا عنده: عفا الله عنك، ما صنعت في أمري، ورضي الله عنك ما جوابك عن كلامي، وعافاك الله ألا عرفت حقي، فلا يكون غرضه من هذا الكلام إلا زيادة التعظيم والتبجيل، وليس عفا هنا بمعنى: غفر، بل كما قال هذا الكلام إلا زيادة التعظيم والتبجيل، وليس عفا هنا بمعنى: غفر، بل كما قال صلى الله عليه وسلم: "عفا الله عنك عن صدقة الخيل والرقيق" ولم تجب عليهم قط، أي لم


والسلام" لكن إنما يتم هذا إن كان التفويض سابقا على الإذن، أما إن كان بعده، كما يشعر به تعبيره بثم، فلا يظهر ذلك.
"وقال عمرو": بفتح العين "ابن ميمون" بن مهران الجزري، ثقة، فاضل، من رواة الجماعة، مات سنة سبع وأربعين ومائة، "اثنتان فعلهما النبي صلى الله عليه وسلم، لم يؤمر فيهما بشيء" أي: لم يبين له فيهما شيء، لا يطلب فعل ولا ترك "إذنه للمنافقين" في التخلف عن الغزو، "وأخذه الفداء من الاسرى" ببدر، "فعاتبه الله كما تسمعون" في القرآن.
"وأما قول بعضهم: إن هذه الآية تدل على أنه وقع من الرسول ذنب، لأنه تعالى قال: {عفا الله عنك لم أذنت لهم} والعفو يستدعي سالفة" بلام وفاء، أي: سابقة "ذنب".
هذا قول من يجهل لغة العرب، كما يأتي: "وقول الآخر" ممن يجوز الصغائر عليهم، قوله تعالى: {لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ} استفهم بمعنى الإنكار، والإنكار يقتضي ذلك "فاعلم أنا لا نسلم أن قوله تعالى: {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ} يوجب ذنبًا، إذ لم يتقدم فيه نهى من الله حتى يكون ذنبًا، ولا عده الله عليه معصية، ولفظ عفا لا يقتضي ذلك ولا يستلزمه، "ولم لا يقال أن ذلك يدل على مبالغة الله تعالى في توقيره وتعظيمه" تفسير "كما يقول الرجل لغيره إذا كان عظيمًا عنده عفا الله عنك ما صنعت في أمري" آتيًا بالعفو قبل الاستفهام، حتى لا يبدأ به خطابه تعظيمًا، "ورضي الله عنك، ما جوابك عن كلامي، وعافاك الله ألا" "بفتح الهمزة أداة استفتاح" "عرفت حقي فلا يكون غرضه من هذا الكلام إلا زيادة التعظيم والتبجيل" تحاشيًا عن جعل الاستفهام أول كلامه للمعظم، عنده "وليس عفا هنا" في الآية" "بمعنى غفر" أي: ستر، وترك المؤاخذة "بل" بمعنى لم يلزمك شيئًا في الإذن، "كما قال صلى الله عليه وسلم: عفا الله لكم عن صدقه

<<  <  ج: ص:  >  >>