للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال بعض العارفين: إن له -صلى الله عليه وسلم- أربعة وثلاثين مرة، والذي أسري به منها واحد بجسمه، والباقي بروحه رؤيا رآها. انتهى.

فالحق: أنه إسراء واحد، بروحه وجسده يقظة، في القصة كلها.

وإلى هذا ذهب الجمهور من علماء المحدثين والفقهاء والمتكلمين وتواردت عليه ظواهر الأخبار الصحيحة، لا ينبغي العدول عن ذلك، إذ ليس في العقل ما يحيله.


ويكون كلامه على طريق اللف والنشر غير المرتب، فيحتمل، ويكون الإسراء الذي اتصل به المعراج، وفرضت فيه الصلاة بمكة، والآخر في المنام بالمدينة، وينبغي أن يزاد فيه أن الإسراء بالمنام تكرر بالمدينة النبوية.
"وقال بعض العارفين؛ أن له -صلى الله عليه وسلم- أربعة وثلاثين مرة" من الإسراءات "الذي أسري به منها واحد بجسمه، والباقي بروحه" دون جسده "رؤيا رآها انتهى".
"فالحق" وهو الصحيح "أنه إسراء واحد برروحه وجسده يقظة في القصة كلها، وإلى هذا ذهب الجمهور من علماء المحدثين والفقهاء والمتكلمين، وتواردت عليه ظواهر الأخبار الصحيحة، ولا ينبغي العدول": الرجوع والميل "عن ذلك" الظاهر، "إذ ليس في العقل ما يحيله" حتى يعدل عنه، وإنما عده محالًا صدر من كفار قريش وبعض ضعفاء المسلمين، لتوهمهم أن قطع مثل هذه المسافة ذهابًا وإيابًا في بعض ليلة محال لبعدها، فتقطع في أيام كثيرة، ومن بعض أرباب علم الهيئة، الزاعمين أن الأفلاك لا فرجة فيها ولا تقبل الخرق والالتئام، وكلاهما خطا عقلًا ونقلًا. ألاى ترى نقل عرش بلقيس في طرفة عين مع بعد مسافته، وقد نطقت النصوص بأن للسماء أبوابًا تفتح وتغلق، فلا عبرة بأوهام الفلاسفة.
قال التفتازاني: ادعاء استحالة المعراج باطل؛ لأنه إنما ينبني على أصول الفلاسفة من امتناع الخرق والالتئام على السموات، وإلا فلخرق والالتئام على السموات واقع عند أهل الحق، والأجسام العلوية والسفلية متماثلة مركبة من الجواهر الفردة المتماثلة ما يصح على كل من الأجسام ما يصح على الآخر ضرورة التماثل المذكور، فإن أمكن خرق الأجسام السفلية أمكن خرق الأجسام العلوية، والله قادر على الممكنات كلها، فهو قادر على خرق السموات وقد ورد به السمع، فيجب تصديقه.
وقال البيضاوي تبعًا للرازي الاستحالة مدفعوة بما ثبت في الهندسة، أما ما بين طرفي قرص الشمس ضعف ما بين طرفي كرة الأرض مائة ونيفًا وستين مرة، ثم إن طرفها الأسفل ليصل لموضع طرفها الأعلى في أقل من درجة، والأجسام كلها متساوية في قبول الإعراض، والله قادر

<<  <  ج: ص:  >  >>