للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبما في البخاري من حديث أبي هريرة مرفوعًا من معجزة تأثير ضرب موسى في الحجر ستًا أو سبعًا إذ فر بثوبه لما اغتسل. إذ ما خص نبي بشيء من المعجزات والكرامات إلا لنبينا صلى الله عليه وسلم مثله، كما نصوا عليه، مع ما يؤيد ذلك: وهو وجود أثر حافر بغلته الشريفة -على ما قيل- في مسجد بطيبة، حتى عرف المسجد بها، فيقال مسجد البغلة، وما ذاك إلا من سره الساري فيها ليكون ذلك أقوى في الآية. وأوضح في الدلالة على إيتائه عليه الصلاة والسلام هذه الآية التي أوتيها الخليل في حجر المقام على وجه أعلى منه.

بل قال الزبير بن بكار فيما نقله المجد الشيرازي في المغانم.


في البخاري" ومسلم "من حديث أبي هريرة، مرفوعًا: "من معجزة تأثير ضرب موسى في الحجر" الذي كان يحمله معه في الأسفار، فيتفجر منه الماء "ستًا" من الآثار، "أو سبعًا" بالشك من الراوي، ولعله أوحي إليه أن يضربه، "إذ فر بثوبه لما اغتسل"، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كانت بنو إسرائيل يغتسلون عراة، ينظر بعضهم إلى بعض، وكان موسى يغتسل وحده، قالوا: والله ما يمنع موسى أن يغتسل، معنا إلا أنه آدر، فذهب مرة يغتسل، فوضع ثوبه على حجر، ففر الحجر بثوبه، فخرج موسى في أثره يقول: ثوبي يا حجر، ثوبي يا حجر حتى نظرت بنو إسرائيل موسى، فقالوا: والله ما بموسى من بأس، وأخذ ثوبه فطفق بالحجر ضربًا". قال أبو هريرة: والله إنه لندب بالحجر ستة أو سبعة، رواه الشيخان.
قال الحافظ: فيه معجزة ظاهرة لموسى، وأن الآدمي يغلب عليه طباع البشر؛ لأن موسى مع علمه أن الحجر ما سار بثوبه إلا بأمر الله، عامله معاملة من يعقل حتى ضربه، ويحتمل أنه أراد بيان معجزة أخرى لقومه بتأثير الضرب بالعصا في الحجر، انتهى، وذكر وجه استشهاده به بقوله: "إذ ما خص نبي بشيء من المعجزات والكرامات إلا ولنبينا صلى الله عليه وسلم مثله، كما نصوا عليه" لكن المثلية التي للمصطفى إما من جنسها، أو بغيرها أعلى أو مساوٍ؛ كما نصوا عليه، فمثل هذا لا يدفع إنكار وروده، "مع ما يؤيد ذلك، وهو وجود أثر حافر بغلته الشريفة على ما قيل في مسجد بطيبة حتى عرف المسجد بها، فيقال: مسجد البغلة" وهذا لو ثبت لا ينتج الدعوى، إذ لا يلزم من تأثير حافر بغلته، وإن كان إكرامًا له ومعجزوة، إن نفس قدميه يؤثر الذي هو المطلوب، "وما ذاك إلا من سره الساري فيها ليكون ذلك أقوى في الآية، وأوضح في الدلالة على إيتائه عليه الصلاة والسلام هذه الآية التي أوتيها الخليل في حجر المقام على وجه أعلى منه" وهذا تصريح منه، بأنه لم يؤت مثله بخصوصه، فلم يثبت المطلوب، "بل قال الزبير بن بكار فيما نقله المجد الشيرازي" صاحب القاموس "في" كتابه "المغانم

<<  <  ج: ص:  >  >>