للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعليه أهل التحقيق من المفسرين، كالزهري، وبكر بن العلاء، والقاضي أبي بكر بن العربي وغيرهم.

والمراد بقوله: {وَتَخْشَى النَّاسَ} إنما هو في إرجاف المنافقين في تزويج نساء الأبناء، والنبي صلى الله عليه وسلم معصوم في الحركات والسكنات، ولبعض المفسرين هنا كلام لا يليق بمنصب النبوة.


الهاشمي عليهم السلام، ثقة، ثبت من رجال الجميع، عابد، فقيه، فاضل، مشهور، قال الزهري: ما رأيت قرشيًا أفضل منه، "وعليه أهل التحقيق من المفسرين، كالزهري" محمد بن شهاب التابعي، الشهير، "وبكر بن العلاء" بن زياد القشيري، البصري، ثم المصري، وبها مات سنة أربع وأربعين وثلاثمائة، وكان أحد كبار الفقهاء المالكية وعلماء الحديث، "والقاضي أبي بكر" محمد "بن العربي" الحافظ، الفقيه، المشهور "وغيرهم، والمراد بقوله" {وَتَخْشَى النَّاسَ} الآية، "إنما هو في إرجاف المنافقين في تزويج نساء الأبناء"، أي: في إكثارهم من الأخبار السيئة، واختلاف الأقوال الكاذبة حتى يضرب الناس منها؛ كما في المصباح، "والنبي صلى الله عليه وسلم معصوم في الحركات والسكنات" وفي البيضاوي: وتخشى الناس تعبيرهم إياك والله أحق أن تخشاه إن كان فيه ما يخشى، "ولبعض المفسرين هنا كلام لا يليق بمنصب النبوة" وهو أنه عليه الصلاة والسلام طلب زيدًا في داره، فرأى زينب حاسرة، فأعجبته، فقال: "سبحان الله مقلب القلوب" قال السبكي: وهو منكر من القول، ولم يكن صلى الله عليه وسلم تعجبه امرأة أحد من الناس، وقصة زينب إنما جعلها الله تعالى، كما في سورة الأحزاب قطعًا لقول الناس: إن زيدًا بن محمد، وإبطالا للتبني، قال: وبالجملة فهذا الموضع من منكرات كلامهم في الخصائص، وقد بالغوا في هذا الباب في مواضع، واقتحموا فيها عظائم لقد كانوا في غنية عنها، انتهى.
وفي البغوي في توجيه القول المنصور: فعاتبه الله، وقال له: قلت أمسك عليك زوجك، وقد أعلمتك أنها ستكون من أزواجك، وهذا هو الأولى واللائق بحال الأنبياء، فهو مطابق للتلاوة؛ لأن الله أعلمه أن يبدي ويظهر ما أخفاه ولم يظهر غير تزويجها منه، فقال: {زَوَّجْنَاكَهَا} الآية، فلو كان الذي أضمره محبتها وإرادة طلاقها لكان يظهر ذلك؛ لأنه لا يجوز أن يخبر أنه يظهره، ثم يكتمه فلا يظهر، فدل على أنه إنما عوتب على إخفاء ما أعلمه أنها تكون زوجًا له وإنما أخفاه استحياء أن يقول لزيد: إن امرأتك ستكون امرأتي، وهذا قول حسن مرضي، وإن كان القول الآخر، وهو أنه أخفى محبتها أو نكاحها، لو طلقها لا يقدح في حال الأنبياء، لأن العبد غير ملوم على ما يقع في قلبه من ثمل هذه الأشياء ما لم يقصد فيه المأثم، لأن الود وميل النفس من طبع البشر، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>