للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكان أول من استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم والشمس في ظهره، ثم قال: "اركبوا". فركبنا فسرنا، حتى إذا ارتفعت الشمس نزل، ثم دعا بميضأة كانت معي فيها شيء من ماء فتوضأ منها وضوءًا


عيناه وهو مستند إلى راحلته فلم يستيقظ صلى الله عليه وسلم، ولا أحد من أصحابه حتى ضربتهم الشمس، "فكان أول من استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم" مثله عن أبي هريرة عند مسلم أيضًا، وفي حديث عمر: أن أول من استيقظ أبو بكر، ولم يستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم حتى أيقظه عمر بالتكبير، ولذا رجح القاضي عياض أن نومهم عن صلاة الصبح وقع مرتين لما في الحديثين من المغايرات التي يتعسر معها الجمع، خلافًا للأصيلي في أن القصة واحدة، وأيضًا في حديث أبي قتادة أن العمرين لم يكونا مع المصطفى، وفي حديث عمران: أنهما معه، وأيضًا فالذي كلأ الفجر، في قصة أبي قتادة بلال، وأما في قصة عمران، فروى الطبراني شبيهًا بقصته، وفيه: أن الذي كلأ لهم الفجر ذو مخبر، بكسر الميم، وسكون المعجمة، وفتح الموحدة.
وفي ابن حبان عن ابن مسعود أنه كلأ لهم الفجر، وأيضًا مما يدل على التعدد اختلاف مواطنها؛ كما قدمنا، "والشمس في ظهره" كناية عن كمال ظهورها، وأسقط من الحديث عند مسلم، قال: فقمنا فزعين، قال أبو عمر: يحتمل أن يكون تأسفًا على ما فاتهم من وقت الصلاة، ففيه أن ذلك لم يكن من عادته منذ بعث، قال: ولا معنى لقول الأصيلي فزعين، خوفًا أن يكون اتبعهم عدو، فيجدهم بتلك الحال من النوم؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم يتبعه عدو في انصرافه من خيبر، بل انصرف ظافرًا غانمًا، "ثم قال: "اركبوا" زاد في رواية أبي هريرة: "فإن هذا منزل حضرنا فيه الشيطان".
قال عياض: وهذا أظهر الأقوال في تعليله، أو لاشتغالهم بأحوال الصلاة، أو تحرزًا من العدو، أو ليستيقظ النائم وينشط الكسلان.
قال ابن رشيق: وقد علله صلى الله عليه وسلم بهذا ولا يعلمه إلا هو، أي: فهو خاص به سواء كان في ذلك الوادي، أو في غيره "فركبنا فسرنا" غير بعيد، "حتى إذا ارتفعت الشمس نزل" أي: علت في الارتفاع وزاد ارتفاعها، وإلا فقوله: والشمس في ظهره دليل ارتفاعها، إذ لا تكون كذلك حتى ترتفع، وفي حديث أبي هريرة، حتى ضربتهم الشمس، وذلك لا يكون إلا بعد أن يذهب وقت الكراهة، ففيه رد على من زعم أن علة تأخيره كون ذلك كان وقت كراهة؛ كما في الفتح، "ثم دعا بميضأة" بكسر الميم، وهمزة بعد الضاد: إناء يتوضأ به كالركوة؛ كذا في الديباج.
وقال غيره: بكسر الميم والقصر، وياؤها منقلبة عن واو، لأنها آلة الوضوء، فوزنها مفعلة، وقد تمد، فوزنها مفعالة، "كانت معي فيها شيء من ماء" قال: "فتوضأ منها وضوءًا" دون

<<  <  ج: ص:  >  >>