للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يتعلم سحرًا، ولا ينشد شعرًا، ولا يحفظ خبرًا، ولا يروي أثرًا، حتى أكرمه الله بالوحي المنزل، والكتاب المفصَّل، فدعاهم إليه وحاجَّهم به، قال الله تعالى: {قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ} [يونس: ١٦] ، وشهد له في كتابه بذلك فقال تعالى: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ} [العنكبوت: ٤٨] .

وأمَّا ما عدا القرآن من معجزاته -عليه السلام؛ كنبع الماء من بين أصابعه، وتكثير الطعام ببركته، وانشقاق القمر، ونطق الجماد، فمنه ما وقع التحدي به، ومنه ما وقع دالًّا على صدقه من غير سبق تحدّ، ومجموع ذلك يفيد القطع بأنه ظهر على يديه -صلى الله عليه وسلم- من خوارق العادات شيء كثير -..............


شيخنا، "ولا يتعلم سحرًا، ولا ينشد:" يقرأ "شعرًا" لغيره، فضلًا عن إنشائه، "ولا يحفظ خبرًا، ولا يروي أثرًا حتى أكرمه الله بالوحي المنزَّل، والكتاب المفصَّل، المبيّن ما فيه من الفوائد الجليلة، كالعقائد الحقة والأحكام الشرعية، والمواعظ، والأمثال، والأخبار الصادقة أو المجعول سورًا، أو المنزَّل نجمًا نجمًا، أو المفرّق بين الحق والباطل، "فدعاهم إليه وحاجَّهم به, قال الله تعالى: {قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْرَاكُمْ} الآية، أعلمكم {بِهِ} الآية. ولا نافية عطف على ما قبله، وفي قراءة: بلام جواب لو، أي: لأعلمكم به على لسان غيري، {فَقَدْ لَبِثْتُ} الآية، مكثت {فِيكُمْ عُمُرًا} الآية، سنينًا أربعين {مِنْ قَبْلِهِ} الآية، أحدثكم بشيء {أَفَلا تَعْقِلُونَ} الآية. إنه ليس من قبلي. "وشهد له في كتابه بذلك، فقال تعالى: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ} الآية، أي: القرآن {مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا} الآية، أي: لو كنت قارئًا كاتبًا، {لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ} الآية، أي اليهود فيك، وقالوا: الذي في التوراة أنه أمي لا يقرأ ولا يكتب، ثم ذكر قسيم ما مَرَّ أن القرآن معجز بلا شك، فقال: "وأمَّا ما عدا القرآن" بالنصب؛ لأنه تقدَّمه ما "من معجزاته -عليه السلام" بيان لما "كنبع الماء من بين أصابعه، وتكثير الطعام ببركته، وانشقاق القمر، ونطق الجماد", ويأتي تفصيلها، ففيه تفصيل، "فمنه ما وقع التحدي به، ومنه ما وقع دالًّا على صدقه، من غير سبق تحدّ" بناء على أن المراد بالتحدي طلب المعارضة، أمَّا إن أريد مجرد الاقتران بدعوى النبوة، فكلها مسبوقة بالتحدي. وأمَّا ما قبل البعثة فهو إرهاص لا معجزة على المعتمد، كما مَرَّ.
"ومجموع" أي: جملة "ذلك" المذكور مما وقع التحدي به، وما لم يقع "يفيد القطع" الجزم، أي: العلم الضروري، "بأنَّه ظهر على يديه -صلى الله عليه وسلم- من خوارق العادات شيء كثير"

<<  <  ج: ص:  >  >>