قال القاضي تقي الدين الفاسي في شفاء الغرام: اختلف أهل الأخبار فيمن أخرج جرهمًا من مكة اختلافًا يعسر معه التوفيق، فقيل: بنو بكر بن عبد مناف بن كنانة، وغيشان بن خزاعة لمنعهم بني عمرو بن عامر الإقامة بمكة حتى يصل إليهم رواؤهم، وقيل: عمرو بن ربيعة بن حارثة لطلبهم حجابة البيت. وقيل: بنو إسماعيل بعد أن سلط الله على جرهم آفات من رعاف ونمل حتى فني به من أصابهم بمكة، وقيل: سلط على ولاة البيت منهم دواب، فهلك منهم في ليلة واحدة ثمانون كهلا سوى الشبان حتى رحلوا من مكة، والقول الأول ذكره ابن إسحاق، فقال: إن بني بكر وغبشان لما رأوا بغيهم، أجمعوا لحربهم وإخراجهم من مكة فأذنوا بالحرب، فاقتتلوا فغلبهم بنو بكر وغبشان. فنفوهم من مكة، وكانت مكة في الجاهلية لا تقر فيها بغيًا ولا ظلمًا لا يبغي فيها أحد إلا أخرجته فكانت تسمى الناشة ولا يريدها ملك يستحل حرمتها، إلا هلك مكانه، فيقال: سميت بكة لأنها تبك أعناق الجبابرة. "فعمد" بفتح الميم ومضارعه بكسرها، كذا المنقول، ورأيت في بعض الحواشي أن في بعض شروح الفصيح وأظنه عزاه للسبكي أنه يجوز فيه العكس، قاله في النور، أي: قصد "عمرو إلى نفائس" هي غزالان من ذهب وسيوف وأدراع وحجر الركن كما عند ابن هشام وغيره، "فجعلها في زمزم" بمنع الصرف للتأنيث والعلمية، قاله المصباح. "وبالغ في طمها" بفتح الطاء المهملة وكسر الميم المشددة بعدها هاء، قال القاموس: طم الركية دفنها وسواها، وفيه أيضًا الركية البئر. "وفر إلى اليمن بقومه" فحزنوا على ما فارقوا من أمر مكة وملكها حزنًا شديدًا، وقال عمرو: كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا الأبيات بتمامها في ابن إسحاق، قيل: كانت ولاية جرهم مكة ثلاثمائة سنة وقيل: خمسمائة، وقيل: ستمائة سنة. "فلم تزل زمزم من ذلك العهد مجهولة" وفي رواية: بقيت