"مكر أبرهة" أي: إرادته السوء بهم سماه مكرًا مع أنه الاحتيال من حيث لا يعلم الممكور به، وأبرهة جاء مجاهرًا لحربهم نظرًا لعزمه على تخريب الكعبة وهم لا يشعرون، "الذي لم يكن للعرب جميعًا" وفي نسخة لسائر العرب، وهي أيضًا بمعنى الجميع عند الجوهري في جماعة، وإن خطّئوه فيها؛ لأنها لغة قليلة حكاها القاموس وغيره، وقد مر بسطه في الديباجة. "بقتاله" أي: عليه متعلق بقوله: "قدرته" قدم عليه لأنه ظرف، "وكان ذلك كله إرهاصًا لنبوته عليه الصلاة والسلام" وهو فائدة ذكر القصة هنا، لا لتعظيم ما كانت عليه قريش، فإن أصحاب الفيل كانوا نصارى أهل كتاب، وكان دينهم حينئذ أقرب حالا مما كان عليه أهل مكة؛ لأنهم كانوا عباد أوثان فنصرهم الله نصرًا لا صنع لبشر فيه، فكأنه يقول: لم أنصركم لخير بكم ولكن صيانة للبيت العتيق الذي سيشرفه خير الأنبياء صلى الله عليه وسلم. "قال" الإمام العلامة فخر الدين محمد بن عمر بن الحسين البكري الطبرستاني الأصل "الرازي" المولد المعروف بابن الخطيب، فاق أهل زمانه في علم الكلام والأوائل، وتوفي سنة ست وستمائة بمدينة هراة، "ومذهبنا أنه يجوز تقديم المعجزات على زمان البعثة تأسيسًا" تقوية لها، قال: "ولذلك قالوا: كانت الغمامة تظله عليه الصلاة والسلام، يعني قبل بعثته" وأنت خبير