للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سمعنا بخروجه لحقنا بمسيلمة. وكانت له عباة، وعُمِّر عُمرا طويلا. مات سنة خمس ومئة في أول خلافة هشام بن عبد الملك، وهو ابن مئة وثمان وعشرين سنة وذكر الهيثم بن عدي عن أبي بكر بن عياش قال: اجتمع في جنازة أبي رجاء العطارديِّ الحسن البصري والفرزدق. فقال الفرزدق للحسن: يا أبا سعيد، يقول الناس: اجتمع في هذه الجنازة خير الناس وشرهم. قال: لست بخيرهم ولست بشرهم، ولكن ما أعددت لهذا اليوم؟ قال: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله. ثم انصرف الفرزدق فقال:

ألم ترَ أن الناسَ ماتَ كبيرهم ... وقد كانَ قبل البعثِ محمدِ

ولم تُغنِ عنهُ عيشُ سبعينَ حجةً ... وستينَ لمَا بانَ غيرَ مُوَسَّدِ

إلى حُفرةٍ غبراءَ يُكْرهُ ورِدُها ... سِوى أنها مثوى وضيعٍ وسِّيدِ

ولو كان طولُ العمر يُخلِدُ واحداً ... ويدفعُ عنه عيبَ عُمرٍ عَمرَّدِ

لكان الذي راحوا به يَحملونَهُ ... مُقيماً، ولكن ليس حَيٌّ بِمُخلَدِ

تَروحُ وتغدو والحتوفُ أمامنا ... يضعن لنا حتفَ الرَّدى كل مَرصدِ

وقد قال لي: ماذا تُعدُّ لما ترى ... فقيهٌ إذا ما قال غيرُ مُفنَّد

<<  <  ج: ص:  >  >>